استخدم الطبيب الذي فاز بجائزة نوبل للطب أمس الاثنين اكتشافاته لعلاج نفسه من السرطان لكنه توفى من المرض ذاته قبل ساعات من إبلاغه بالجائزة. ووصف زملاء "رالف ستاينمان" ، الكندي المولد بجامعة روكفلر في نيويورك ، الأنباء بأنها "حلوة ومرة" ، وقالوا أنه أطال حياته بعلاج جديد يستند إلى البحث الحائز على الجائزة عن الجهاز المناعي للجسم. وتوفى الطبيب البالغ من العمر 68 عاما يوم الجمعة بعد معركة استمرت أربع سنوات في مواجهة سرطان البنكرياس وكان يمازح عائلته الأسبوع الماضي بأنه سيصمد حتى إعلان الجائزة. ولم يعرف ستاينمان أن عمله سيتوج بارفع وسام علمي ليصبح بذلك أول شخص في نصف قرن يفوز بجائزة نوبل بعد وفاته ، وتقضي قواعد نوبل منح الجائزة للأحياء فقط. وقالت الكسيس (34 عاما) ابنة ستاينمان : "أردنا له أن يكون هنا من أجل ذلك ، كنا نقول له أننا نعرف أن الأمور لا تسير على ما يرام ولكن نوبل ستعلن الأثنين المقبل وكان يقول أنه يعرف أن عليه أن يصمد من أجل ذلك فهم لا يمنحونها للاموات." "ينبغي علي أن أصمد من أجل ذلك" وحاولت لجنة نوبل الاتصال بستاينمان في الصباح لتقديم التهنئة التقليدية ليكتشفوا أنهم يواجهون موقفا "فريدا" ، وبعد مشاورات مضنية بشأن مصير الجائزة التي تبلغ قيمتها 750 ألف دولار قرروا أنها ستذهب لورثة ستاينمان. وتقاسم رائدان أخران أدى عملهما على الجهاز المناعي أيضا لامكانيات رائدة في مكافحة العدوى وعلاج أمراض السرطان نصف الجائزة وقيمتها عشرة ملايين كرونة سويدية (1.46 مليون دولار) وهما الأمريكي بروس بتلر وجولز هوفمان المولود في لوكسمبورج والمقيم في فرنسا. وقال زملاء ستاينمان الذي ساهمت أبحاثه في إطلاق أول لقاح يوقف الأورام العام الماضي أنه كان يعمل حتى أيامه الأخيرة. ودخل ستاينمان المستشفى يوم الأحد الماضي وفقد الوعي يوم الخميس ثم توفى في اليوم التالي بينما كانت تحيط به عائلته ، لكن مارك تيسييه لافين رئيس جامعة روكفلر قال أن العاملين عرفوا بوفاته من العائلة فقط بعد حوالي نصف ساعة من ورود أنباء جائزة نوبل من السويد. وقال "جوران هانسون" ، الأمين العام للجنة نوبل ، : "بالطبع أشعر بالحزن لأن الدكتور ستاينمان لم يتمكن من الاستماع إلى خبر الجائزة والشعور بالسعادة". "لقد كان عالما عظيما" وبعد مراجعة القاعدة التي تمنع منح الجائزة للموتى وقاعدة أخرى تقول أن الحائز على الجائزة يحتفظ بها إذا توفي بين الإعلان وحفل توزيع الجوائز الذي يقام بعد بضعة أسابيع قالت اللجنة أنها وجدت أن القاعدة الثانية أكثر ملائمة لحالة ستاينمان. وقالت اللجنة : "لا يجوز منح جائزة نوبل للموتى عمدا ، ولكن اتخذ قرار منح جائزة نوبل لرالف ستاينمان بحسن نية على أساس الافتراض بأن الحائز على جائزة نوبل كان على قيد الحياة". وقال معهد كارولينسكا السويدي الذي يمنح الجائزة في بيان "أحدث الفائزون بجائزة نوبل هذا العام ثورة في فهمنا لنظام المناعة من خلال اكتشافهم لمباديء هامة لتفعيله". وكان عمل العلماء الثلاثة محوريا لتطوير أنواع محسنة من اللقاحات ضد أمراض معدية وتوجهات حديثة لمكافحة السرطان ، وساهم بحثهم في وضع الأسس لتطوير مجموعة جديدة مما يعرف باسم "اللقاحات العلاجية" التي تحفز الجهاز المناعي حتى يهاجم الأورام. وأتاح الفهم الأفضل لجهاز المناعة المركب لدى البشر مفاتيح جديدة لعلاج الأمراض الالتهابية مثل التهاب المفاصل الروماتويدي تقوم من خلالها مكونات في جهاز المناعة بمهاجمة أنسجة الجسم. وجائزة نوبل للطب هي عادة أول الجوائز التي يعلن عنها كل عام ، وبدأ عام 1901 توزيع جوائز على الانجازات في العلوم والآداب والسلام تمشيا مع رغبة الفريد نوبل مخترع الديناميت. وجاء في حيثيات منح الجائزة للعلماء الثلاثة أنهم قاموا منذ فترة طويلة بأبحاث عن جهاز المناعة لدى الإنسان والحيوان وكيفية استجابته للدفاع ضد البكتيريا والكائنات الدقيقة الأخرى. وقال بيان المعهد أن بتلر وهوفمان اكتشفا بروتينات متلقية يمكنها التعرف على الكائنات الدقيقة التي تهاجم الجسد والتي تنشط "المناعة الطبيعية" وهي الخطوة الأولى في رد فعل الجهاز المناعي. وأضاف البيان "اكتشف رالف ستاينمان خلايا التفرع العصبي في الجهاز المناعي وقدرتها الفريدة على تنشيط وتنظيم المناعة المتكيفة وهي المرحلة التالية لرد فعل جهاز المناعة التي يتم من خلالها تخليص الجسم من الكائنات الدقيقة".