استغل الوزير الأول الجزائري أحمد أويحيى الزيارة التي يقوم بها رئيس الحكومة الإسبانية ماريانو راخاوي إلى البلاد لإقحام قضية الصحراء ضمن الاجتماع المنعقد اليوم الثلاثاء بالعاصمة الجزائر؛ رغم استبعاد إمكانية صدور موقف رسمي من مدريد يميل إلى الطرح الانفصالي، خصوصا في الفترة الراهنة التي ينتظر فيها الجار الأوروبي تجديد اتفاقية الصيد البحري، ومعاناته مع انفصاليي كتالونيا. وبالرغم من وضعيته الصحية المتدهورة والحرجة، فقد حرص الرئيس الجزائري، عبد العزيز بوتفليقة، على استقبال رئيس الحكومة الاسبانية شخصيا بحضور الوزير الأول أحمد أويحيى، ووزير الشؤون الخارجية عبد القادر مساهل، ووزير الداخلية والجماعات المحلية والتهيئة العمرانية نور الدين بدوي، ونائب وزير الدفاع الوطني رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي الفريق أحمد قايد صالح. وفي وقت تمر منه قضية الوحدة الترابية للمملكة بمنعطف حاسم بفعل استفزازات جبهة البوليساريو المتواصلة في المنطقة العازلة، كشف أويحيى، خلال ندوة صحافية عقب لقاء مع نظيره الإسباني، أنه تطرق إلى الأوضاع الأمنية في المنطقة، خاصة قضية الصحراء ومكافحة الإرهاب والجريمة العابرة للأوطان والهجرة غير الشرعية. وفي كلمته خلال الاجتماع الجزائري الاسباني السابع، عبّر أويحيى عن ارتياحه للعلاقات التي تجمع البلدين، قائلاً: "إن ارتياحنا هذا نابع من جودة العلاقات المتميزة التي تربط بلدينا، علاقات تاريخية لا يشوبها أي نزاع، تقوم على معاهدة الصداقة وحسن الجوار والتعاون التي أبرمت سنة 2002 بين الرئيس عبد العزيز بوتفليقة وملك اسبانيا". نبيل الدريوش، خبير في العلاقات المغربية الإسبانية، اعتبر في تصريح لهسبريس أن إثارة الجزائر لملف الصحراء مع إسبانيا "أمر طبيعي ويحدث في كل المناسبات، لأن الجزائر لا يمكن لها أن تفوت أي فرصة دون التطرق إلى النزاع"؛ غير أنه أكد أن السياق اليوم يختلف بالنظر إلى التصعيد العسكري الأخير من لدن البوليساريو. وحول الموقف الإسباني من قضية الصحراء، خصوصا في ظل الحديث عن "أزمة صامتة" تخيم على العلاقات بين الرباطومدريد بين الفينة والأخرى، قال نبيل الدريوش إن "النزاع مرتبط بالأمن القومي لإسبانيا رغم أنها توقفت عن الاستفزازات التي كانت تقوم بها في حكومة خوسي ماريا أثنار السابقة". وبحكم أن إسبانيا هي المستعمر القديم لمنطقة الصحراء، يرى المتحدث أن "الملف يحظى باهتمام بالغ داخل هذا البلد الذي يحتضن عددا كبيرا من الجمعيات الداعمة للبوليساريو؛ الأمر الذي يجعله بمثابة قضية رأي عام". لكن على المستوى الرسمي، أكد الخبير في الشأن الإسباني أن "البلدين تجمعهما علاقات تاريخية قوية على جميع المستويات، السياسية منها والاقتصادية والثقافية والاجتماعية، منذ التوقيع على معاهدة الصداقة والتعاون وحسن الجوار سنة 1991، في الوقت الذي ظلت فيه الجزائر تنتظر إلى غاية 2002 لتوقع على مثل هذا الاتفاق؛ وهي الفترة التي اتسمت بالتوتر بيننا وبين إسبانيا". وتابع الدريوش موضحاً: "هناك الآن نوع من الترقب الإسباني لملف الصحراء، خصوصا أن العلاقات الثنائية بين البلدين تشهد أحيانا أزمات صامتة وتأجيلا لزيارات رسمية، لكن العلاقات الاقتصادية المتطورة بينهما تشكل متنفساً قوياً يجنبهما الاصطدام". ومعلوم أن إسبانيا تعتبر الشريك الأول بالنسبة للمملكة المغربية من حيث معدلات الصادرات والواردات منذ سنة 2013. "الجزائر تُحاول انتزاع موقف إسباني من قضية الصحراء في الفترة الراهنة، لكن ماريانو راخاوي لا يُمكن له أن يقع في هذا الخطأ لأن سياسته براغماتية ويعي جيداً الدور الكبير الذي يلعبه المغرب في المنطقة، خصوصا في ملف الهجرة والإرهاب والصيد البحري"، يختم الدريوش تصريحه لهسبريس.