أسابيع قليلة قبل حلول شهر رمضان، تُسابق القناتان المغربيتان الأولى والثانية الزّمن من أجل تصوير حلقات جديدة من برنامج "الكاميرا الخفية"، رغم الجدل الذي يثيره هذا البرنامج كل سنة واتهامه بالتواطؤ مع "ضحاياه" المفترضين مُقابل المال. ورغم الانتقادات المُوجهة لهذا النوع من البرامج، إلا أنّها مازالت تتصدر أكبر نسب المشاهدة؛ إذ احتل "مشيتي فيها" في نسخته الثانية خلال رمضان الماضي الصدارة، وبلغ عدد مشاهديه 11 مليونا و233 ألفا، بحصة مشاهدة بلغت 77.4 في المائة، بحسب مؤسسة "ماروك ميتري" لقياس نسب المشاهدة في المغرب. كاميرا مكشوفة ويعتمد "الكاميرا الخفية" بالأولى و"مشيتي فيها" بالثانية على مقالب تحاول الإيقاع بعدد من الفنانين والنجوم المغاربة في فخ معد مسبقاً يرتكز على مشاهد درامية، واقعية، ومحبوكة بشكل جيد حسب اتفاق مسبق بين منتجي السلسلة والضحايا، كما أكدّ ذلك العديد من الفنانين. عبد الرحيم الصويري من بين الفنانين الذين أثارت مشاركتهم في "مشيتي فيها" جدلاً كبيراً إثر خروجه بتصريحات يكشف فيها حصوله على مبالغ مالية مُقابل مشاركته في البرنامج، وكان هدفه تسلية المغاربة، مؤكداً أنه كان يعلم بأمر البرنامج الذي يصر مخرجه على تسميته ب"الكاميرا الخفية"، ويستضيف من خلاله فنانين مغاربة. من جهته، أكّد الممثل المغربي رشيد أسلال أنّه تلقى "عرضا" للتمثيل في الكاميرا الخفية مقابل أجر في النسخة الأولى من البرنامج ذاته. وإذا كانت الكاميرا الخفية تعتمد على تحضير مقالب ل"الضحايا" دون علمهم، فإنَّ أسلال توصّل بسيناريو الحلقة الأولى من برنامج الكاميرا الخفية "مشيتي فيها"، الذي تبثه القناة الثانية، والتي صُوّرت بمدينة أكادير؛ إذ اتصل به المُنتج وأطلعه على تفاصيل الدور الذي سيؤدّيه مقابل تعويض مالي بقيمة 5000 درهم، لكنّه اعتذر، واصفاً الكاميرا الخفية ب"الطنز والكذب على الشعب". العرض ذاته توصل به الثنائي الكوميدي إدريس ومهدي، اللذين رفضا القبول به من أجل تمثيل دور ضحايا "الكاميرا المكشوفة"، وقالا في حديث لهسبريس: "لا يمكننا أن نقبل ذلك ونضحك على ذقون الجمهور، وفق سيناريو محكم نمثل فيه دور الضحايا". وأوضح خريجا النسخة الأولى من برنامج "كوميديا" أنه سبق لهما أن شاركا في برنامج الكاميرا الخفية الذي بثته قناة "ميدي 1 تي في" منذ سنتين بعنوان "واقيلا هو"، لكن "محتواه كان يهدف إلى تعريف الجمهور على عدد من الشخصيات في مواقف متعددة، دون استبلاده". تكرار الضحالة محمد العوني، رئيس منظمة حريات الإعلام والتعبير، اعتبر أنّ برامج الكاميرا الخفية تندرج ضمن عدد من الإنتاجات المكثفة التي تعرضها القنوات العمومية خلال شهر رمضان، والتي تبتعد عن الخدمة العمومية. وأبرزَ العوني، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أنّ التقديم المُكثف لهذه البرامج يفرض تسرعاً في الإنتاج وضغطاً على المنتجين، وقال: "الإنتاج والعمل تحت الطلب يمس بالتعددية والتنوع، ويُكرّر إنتاج الإسفاف والضحالة باسم الفُكاهة، ويمسّ بالمضامين الإعلامية، ممّا ينعكس بشكل سلبي في تحقيق القنوات العمومية لوظائفها التنويرية والتنموية".