لم تدل جماعة العدل والإحسان الإسلامية بدلوها في الجدل الدائر في المغرب حول موضوع المساواة في الإرث بين الرجل والمرأة، الذي أحدثته أسماء لمرابط، الباحثة المستقيلة من الرابطة المحمدية للعلماء مؤخراً. وفي الوقت الذي نالت فيه لمرابط تضامناً واسعاً من قبل عدد من النشطاء المحسوبين على الصف الحداثي، لم تدخل الجماعة الإسلامية المعارضة في هذا الجدل عبر موقف رسمي، لكن قيادييها عبروا عن رفضهم لهذا النقاش. وتعتبر جماعة العدل والإحسان، ذات المرجعية الإسلامية، وفق تصريحات لقيادييها استقتها هسبريس، أن هذا الموضوع ليس أولوية الآن وهو بمثابة إلهاء عن القضايا المهمة، حيث تؤكد أن "الأولوية الكبرى هي بناء نظام سياسي يمكن أن تحسم فيه كل القضايا المرتبطة بالعدل والديمقراطية". وكتب أكثر من قيادي في الجماعة تدوينات على فيسبوك يعبرون عن رفضهم المباشر لهذا النقاش، فقال أحمد الزقاقي في تدوينة طويلة له إن "التشريعات السماوية والأرضية لا تصاغ ترضية لأقليات أو نزوعات شخصية أو فئوية". وأضاف القيادي في الجماعة الإسلامية أن "الخائضين في موضوع الإرث والداعين إلى إحداث تغييرات جوهرية في نظامه معتمدين على الانتقائية في الاستشهاد بحالات اجتماعية معينة تتعلق بالتطبيق لا بالتشريع". وقال الزقاقي إن هؤلاء الخائضين في النقاش جاهلون بقانون الإرث الإسلامي، مشيراً إلى أن "اليهودية المغربية تحرم في 90 في المائة من الحالات في الميراث بمثابة تمييز فاضح لا ينسجم مع المرجعية الكونية ولا يكثر الخائضون في نقاش الإرث الإحالة عليها". واعتبر الزقاقي أن الداعين إلى المساواة في الإرث بين الرجل والمرأة في المغرب تحكمهم "أجندة أخرى لا علاقة لها بتاتاً بإنصاف المرأة"، ورأى أن "مقاربة الكثير من القضايا بنفس حقوقي سيُزيف الحقائق ويشعل الحرائق". وفي السياق نفسه، أكدت جمعية حركة ضمير على أهمية وحيوية "أنسنة الفقه كضرورة مجتمعية تجعله قادراً على استيعاب حركية المجتمع والانفتاح على مبادئ المساواة والديمقراطية والمناصفة التي ينص عليها الدستور"، ونددت بما اعتبرته "مخاطر تغلغل التيار الأصولي المتشدد في مؤسسات الدولة". ودعت الجمعية، المحسوبة على الصف الحداثي، إلى "ضرورة العمل على إرساء فقه عقائدي متنور قائم على المساواة ومنسجم مع رهانات الدستور والالتزامات الدولية للمغرب، وحصر تدبير باقي الشؤون في سلطة القانون الوضعي الذي يتجاوب مع الحاجيات البشرية الدنيوية". ويعتبر مطلب المساواة في الإرث من المواضيع التي تثير جدلاً كبيراً في المغرب، ويحدث تقاطباً حاداً بين الصفين الحداثي والمحافظ. وقد كان حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، ذو المرجعية اليسارية، أول من طالب بالمساواة في الإرث سنة 2012، وتعرض على إثر ذلك إدريس لشكر، الكاتب الأول للحزب ذاته، للتكفير. ويرفض المحافظون، من أحزاب وجماعات ورموز سلفية، هذا النقاش معتبرين أنه من الأمور القطعية في الدين بنص قرآني واضح يعطي الرجل مثل حظ الأنثيين؛ لكن الصف الحداثي يثير الموضوع في كل مرة، ويدعمه بمضامين الدستور والاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب والمرتبطة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والسياسية للمرأة.