تتعاطى صوفيا يازان على أعلى مستوى مع كبريات الاستثمارات في الإمارات العربية المتحدة، وتقدم نفسها مغربية خبيرة في المعاملات المالية لكل من استفسر بشأن هويتها. تنحدر يازان من جهة سوس في المملكة، لكنها رأت النور وكبرت في العاصمة الفرنسية باريس، لتكون واحدة من "مغاربة العالم" المفاخرين بأصلهم أينما حلت وارتحلت. نواحي آيت باها تقدم صوفيا نفسها بالقول: "صحيح أني فرنسية المولد والنشأة، لكنني من قرية إمْعِيزْن، الكائنة بضواحي آيت باها، في جهة سوس التي ترتبط معي بذكريات خالدة". وتزيد المغربية نفسها: "ولدت من أبوين أمازيغيّيْن مغربيّين مهاجرين في باريس، لكن أسرتي كانت حريصة على إمضاء عطلي المدرسية، أيام الطفولة، في وطني الأم". تستحضر يازان ذكريات الماضي باعتزاز كبير يطال أصولها، لكنها تشدد على أن ارتباطها بالمغرب لا يبقى رهينا بما عاشته سابقا، خاصة أن عائلتها متواجدة الحين في الرباط، وهي تحرص على زيارة المملكة كثيرا. القانون والاقتصاد درست المغربية المستقرة في الإمارات حاليا العلوم القانونية في جامعة "صوربون" بباريس، ثم تخصصت في الضرائب لتحوز دبلوم دراسات معمقة في الجامعة نفسها. أول عهدها بالعمل كان في شركة التأمين "أليانس" بالعاصمة الفرنسية، والجة المجال بصفة "خبيرة ضرائب"، ثم اتجهت لاحقا نحو محاولة اكتساب تجارب دولية بمؤسسات أخرى. "قصدت لندن من أجل العمل وتعلم اللغة الإنجليزية، لكن أوج الأزمة الاقتصادية التي عاشتها أوروبا، حينها، مكنتني من تعلم اللغة في ثمانية شهور دون الظفر بأي شغل"، تتذكر يازان. تحولت صوفيا إلى لوكسمبورغ كي تلتحق ب"إرنست أند يونغ"، الشهيرة اختصارا بتسمية "EY"، ملتحقة بشريك للمؤسسة يشرف على الخدمات المالية. استقرت الشابة المغربية في هذا الموضع عامين، مكتسبة خبرة في التضريب الدولي، ومتعاملة مع هيكلة الرساميل، قبل أن تنتهي التجربة نتيجة التحاقها، مرافقة مشغلَها، بمكتب "بيكر ماكنزي" في لكوسمبورغ أيضا، وثبتت في ذلك سنتين إضافيتين. إيقاع دبيّ عن التنقل نحو الإمارات العربية المتحدة تقول صوفيا يازان: "إيقاع العمل في لوكسمبورغ أرهقني وأثر سلبيا على حياتي الخاصة، ما دفع أختي، المستقرة قبلي في دبي، إلى اقتراح التحاقي بها من أجل تغيير الأجواء". مرت مدة قصيرة على وصولها إلى الإمارات قبل أن تنتمي مهنيا إلى مؤسسة "KPMG" المتخصصة في الاستشارة والمعاملات المالية، متواجدة في "المصلحة الدولية" كمستشارة لصناديق مستثمرة في دول إفريقية سائرة في طريق النمو، بينها المغرب. هبت رياح التغيير مجددا على يازان كي تلتحق بمكتب سويسري لتقديم الاستشارات إلى ذوي الثروات الكبرى، مستغلة سابق خبرتها الأوروبية في التعامل، إلى جوار المؤسسات الاقتصادية الكبرى، مع شخصيات ذاتية ثرية. يستمر المشوار المهني لصوفيا، حاليا، في مكتب إنجليزي متخصص ضمن المعاملات المالية؛ ممسكة بتقديم الاستشارة للمستثمرين الوافدين إلى الإمارات، بينهم الأفارقة، لإعادة هيكلة مشاريعهم في الشرق الأوسط أو تلك الممتدة عبر دول القارة السمراء. مع تطبيق استخلاص الضريبة على القيمة المضافة في الإمارات العربية المتحدة، أخذت الخبيرة القانونية والمالية المغربية في التعاطي مع شركات البلد نفسه ضمن هذا الشأن الضريبي. تقييم المسار تقول صوفيا يازان إن الصعوبات التي اعترضتها في دبي تبقى مهنية في المقام الأول، وتفسر: "تلقيت تكوينا دقيقا جعل الطواقم التي انتميت إليها أو أشرفت على أدائها تعتبرني صارمة في تعاملي". وتسترسل "ابنة سوس" في السياق نفسه: "لم أكن أتفهم عدم القيام بالعمل بطريقة ممتازة، خاصة أن الواقفين وراءه أناس من المفترض أنهم يستحضرون أفضل ما لديهم قبل تقديم الاستشارات المطلوبة". رغم ذلك تقر صوفيا بأنها سعيدة جدا بما حققته على السكّتين المهنية والشخصية، معلنة أنها تعتبر حياتها ثرية بالكامل نتيجة النهل من تجارب دولية متنوعة. "عملت بجهد كبير من أجل إعادة ضبط إيقاع حياتي بما يرضيني، مؤمنة بأن كل اجتهاد يؤتي ثمارا تناسب حجمه، وموقنة بأن المواظبة على تنمية المعرفة تعود بالفوائد"، تردف يازان. نظرة استشراف تكشف الخبيرة القانونية والمالية اشتغالها حاليا على مشروع يتصل ب"تناقل الثروات بين الأجيال"، مستندة إلى دراسات واقفة على تضاعف العائلات بالغة الثراء في إفريقيا خلال السنوات العشر الماضية، بينما 60% و90% منها لن تصل الجيلين الثاني والثالث، على التوالي. وتقول صوفيا يازان: "أرى أنه ينبغي العمل على رصد هذه العوائل الإفريقية، بما فيها تلك المغربية، لتعليمها كيفية تنمية ما تملكه بطريقة تفيد الفروع بنجاعة، من جهة، والمساهمة في تنمية بلدانها وقارتها، من جهة ثانية". تطمح المتخصصة المستقرة في الإمارات العربية المتحدة إلى إغناء خبرتها الشرق أوسطية بضبط ما يجرى في عوالم المال والأعمال بالقارة السمراء، مستهدفة خططا لإعادة تأهيل "البيزنس" في إفريقيا، ومواصلة تأطير الرساميل القادمة منها صوب الخليج. الإنجليزية والتجريب تثمن صوفيا وعي الجيل الحالي من الشباب المغاربة بأهمية اللغة الإنجليزية في فتح الآفاق خارج الوطن الأم، لكنها توصي الراغبين في الهجرة بضرورة الانطلاق من الإقبال على الدراسة والتكوينات وتنمية المهارات. "مؤشرات سوق الشغل في الإمارات تدل على ميز إيجابي لمكتسبي خبرات سابقة، في أوروبا تحديدا، لتضع بادئي مساراتهم الخاصة في ذيل اللائحة .. أنصح المهاجرين الجدد بتكوين أنفسهم في مناطق أخرى عبر العالم قبل التوجه نحو دبي بحثا عن التطور"، تختم صوفيا يازان.