بحركة دؤوبة وعمل متفان، تواصل هدى الحشري عملها داخل مكتبها بمحطة الرباطالمدينة، إحدى أكبر الأوراش السككية التي فتحها المكتب الوطني للسكك الحديدية، من أجل تقوية خطوطه التي ستنفتح على القطار فائق السرعة في الأشهر القليلة المقبلة. هدى الحشري، رئيسة مشروع الرباطالمدينة وخريجة المدرسة الوطنية للهندسة المعمارية بالرباط فوج 2008، تسيّر فريق عمل بأكمله من أجل تشييد محطة تليق بالعاصمة الرباط. فبعد التحاقها بالمكتب منذ سنة 2012، تدرجت في مختلف المهام حتى أصبحت سنة 2017 رئيسة مشروع الرباطالمدينة، رافعة بذلك راية النساء المغربيات اللواتي تمكن من انتزاع مكان في مهنة يسيطر عليها الرجال، على حد تعبير الحشري. المحطة، التي تصنفها منظمة اليونيسكو ضمن التراث العالمي، تعيش على وقع إصلاحات هيكلية ستنقلها إلى مصاف المحطات العالمية عبر بناء مراكز تجارية وصالات ومحلات ستستقطب عددا كبيرا من المسافرين المتنقلين في كل ربوع المملكة. الحشري أكدت، في حديثها مع هسبريس، أن وصولها إلى إدارة المشروع جاء بعد سنوات من الكد والعمل المستمرين، مضيفة أن المرأة المغربية أصبحت تصل إلى مراكز القرار إسوة بالرجال، والدليل هو تمكن العديد من النساء من إدارة مؤسسات عمومية وخاصة بكفاءة متناهية. الحشري، التي تعد من نماذج النساء الناجحات، تضيف، في حديثها لهسبريس، أن المرأة المغربية أصبحت تجد نفسها في مختلف الأنشطة المجتمعية، بالرغم من صعوبة تكييف الحياة الشخصية والحياة العملية؛ لكنه يبقى تحديا وجب التغلب عليه بالجدية والكفاءة والمسؤولية. غير بعيد على محطة الرباطالمدينة، يوجد مشروع أكبر محطة قطار في القارة الإفريقية، وتسيره وسام العلوي، خريجة المدرسة الوطنية للهندسة المعمارية فوج 2008. وسام، وبتتبع دقيق لتفاصيل المشروع الكبير، تؤكد، في حدثيها مع هسبريس، أن إدارة المشاريع تتطلب قدرات خاصة تتعدى الثقافي إلى ما هو اجتماعي، عبر إدراك مهارات تسيير مجموعة والتفاوض مع مختلف الشركاء والأطراف المتداخلين. مديرة مشروع المحطة، التي ستوسع بشكل كبير لتمتد على مساحة 23 ألف متر مربع لتتضمن محلات تجارية وأخرى تقنية إضافة إلى بهو وفضاءات أخرى، تضيف أن "البدايات دائما صعبة، خصوصا أننا غير معتادين على رؤية نساء تمنح لهن فرصة اتخاذ قرار يسري على مجموعة من الأشخاص؛ لكن بالإصرار والإرادة والثقة في النفس تغلبنا على كل العقبات". وسام، التي خبرت كذلك الاشتغال في القطاع الخاص، أردفت أن المجتمع المغربي تمكن من تجاوز النظرة التقليدية الإقصائية للمرأة وأصبح يتقبل بشكل رحب وصول النساء إلى مراتب عليا في مختلف المؤسسات، التي يعمل المسؤولون عليها كذلك على تشجيع قيادات نسائية شابة على تسيير مختلف المشاريع ووجب شكرهم على ذلك. وتسجل المسؤولة عن تجهيز مرافق المحطة، التي من المنتظر أن تصبح قبلة ل30 مليون مسافر عوض 7 ملايين في الوقت الراهن، أن المرأة المغربية تمكنت من الانتصار على نفسها وتحويل نظرة المجتمع إلى حافز يدفعها نحو تحقيق ما تطمح إليه، لتسهم هي الأخرى بنفس مساهمات الرجل في الدفع بالبلاد إلى الأمام. *صحافي متدرب