من حواري مدينة فاس العتيقة، بدأت علاقة هند الخال، (30 عاما) بعالم التجارة والأعمال تتوثق وتكبر خطوة خطوة، وهي التي لم تزل بعد في عقدها الأول حينما كانت تحرص على مرافقة والدها، أحد المنعشين في الصناعة التقليدية بفاس، في رحلاته اليومية للتعاقد أو التفاوض مع الموردين والزبناء على حد سواء. جولات منتظمة، تقول هند، في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء، كان لها بالغ الأثر في تكوين شخصيتها وتوسع مداركها في عالم التفاوض والإقناع، ولكن أيضا في تنمية ذوقها الجمالي وحسها التجاري والترويجي للمنتجات الأصيلة والبديعة في فاس الحضارة. منذ ذاك الحين، ظل حلمها في شق طريق النجاح في عالم الأعمال متأصلا في نفسها لولا أن قطار الحياة أقحمها سريعا في عالم الزوجية ليخبو ذلك الأمل، تقول هند، بعد أن تهاوى طموحها في سلم الأولويات إلى أدناها وطفت عليه تفاصيل الحياة "الرتيبة بحدودها وتقاطعاتها المرسومة سلفا". غير أنها ما لبثت أن انتفضت في وجه واقعها "البئيس" وتحررت مما اعتبرته قفصا صف د أجنحتها الحالمة الطامحة إلى اختراق الآفاق البعيدة، فركبت أمواج طموحها في رحلة البحث والتحدي، مهاجرة إلى الخليج وتحديدا إلى السعودية مثقلة بحلم قديم في التميز والريادة. تدرك هند أن رحلة الألف ميل تبدأ بخطوة، فآثرت لنفسها البدء في سبر أغوار تجربة التجميل النسائي في عروس البحر الأحمرجدة، قبل أن تقتحم مجالي الديكور والموضة من خلال عملها في شركة متخصصة أكسبتها إشعاعا وتميزا من خلال اللمسة المغربية التي تضفيها على أعمالها، فضلا عن قدراتها التواصلية "المبهرة" على حد وصف إعلامية سعودية معدة لبرامج نسائية في الإعلام السعودي. هذه القدرة التواصلية لهند تجلت أيضا في استخدامها لوسائل التواصل الاجتماعي أداة للتسويق والترويج لأعمالها، فنسجت شبكة تواصل واسعة تخطت حدود المملكة إلى البلدان الخليجية الأخرى ولاسيما دولتي الإمارات العربية المتحدة والبحرين، التي تتردد عليهما للمشاركة في معارض وملتقيات. يحظى المنتوج المغربي، بشقيه التقليدي والعصري (التكشيطة، القفطان، الجلباب...)، باهتمام لافت من قبل العائلات الخليجية، مثلما يظل الديكور والتصاميم المغربية الأندلسية، موضوع إقبال واسع في السوق السعودية والخليجية عموما، وهو يمثل أولوية في عمل هند كمصممة، واستشارية متعاونة مع شركات في السعودية. تقول الإعلامية السعودية لطيفة الرشيد في شهادة في حق هند إنها "شابة طموحة، مبدعة وخلاقة، تمثل نموذجا ناجحا للمرأة العربية الذي ننشده جميعا، امرأة مستقلة بذاتها وتهوى المغامرة وتؤمن بأن لكل مشكلة حل". وأردفت المتحدثة التي تشغل أيضا منصب المدير التنفيذي لإحدى الوكالات المتخصصة في العلاقات العامة وإدارة الفعاليات، أن هند تمثل بالنسبة للوكالة التي تديرها "أهم مرجع لها في التصاميم والديكور بفضل إلمامها بمستجدات وصيحات الموضة والديكور، وأيضا بفضل لمستها المغربية التي تجد استحسانا وقبولا واسعا في السوق السعودية والخليجية عموما". تؤكد هذه الشابة المغربية أنها عندما قررت الهجرة لم يكن ذلك بدافع النزهة أو السياحة، أو حتى ضمان لقمة العيش، وإنما بدافع تحقيق طموحها في الريادة وولوج عالم الأعمال، قائلة "إنني أعشق كل ما له علاقة بالأعمال الحرة، عشق قديم لا يزال يحفزني يوما بعد يوم"، مؤكدة عزمها المضي قدما في المسار الذي سطرته لنفسها واغتنام الفرص الهائلة التي يتيحها بالسوق السعودي. واليوم، تعبر هند عن ارتياحها لما حققته في مسيرتها المهنية ببلد المهجر، وتقول إنه "بالقدر الذي أشعر فيه بثقل المسؤولية المزدوجة على عاتقي، تجاه نفسي من جهة، وتجاه وطني من جهة أخرى، أحس بالقدر نفسه من الارتياح عندما أرى نتائج عملي تتحقق على أرض الواقع، من خلال رقم مبيعات جيد سجلته شركتي في وقت قصير، بينما تزداد فرحتي بإسهامي، ولو بنزر يسير، في إشعاع الوجه الثقافي والحضاري لبلدي المغرب". وتفخر هذه الشابة بأنها شقت لنفسها طريق النجاح بفضل ثقتها وإيمانها بقدراتها، وتؤكد أن المرأة المغربية تستطيع أن تحقق طموحها وتبرز كفاءاتها في أي بيئة أو مجتمع وأيا كانت الصعوبات والعراقيل التي تقف في وجهها. *و.م.ع