رغم إعلان رئيس الحكومة، سعد الدين العثماني، لأول مرة عن وجود عشرات المسؤولين متابعين بتهمة الفساد بناء على المعطيات المعروضة على أنظار القضاء، كاشفاً أَن عدداً من المسؤولين يخضعون حاليا للتحقيق، منهم من يوجد في طور المحاكمة، فإن حماة المال العام اعتبروا ذلك "لا يعدو أن يكون تغطية للشمس بالغربال" في ظل انعدام إرادة سياسية حقيقية للضرب بيد من حديد على كل من يختلس أموال المغاربة. وحول رفض العثماني فضح الأشخاص المتهمين في قضايا الفساد احتراماً لقرينة البراءة، قال محمد الغلوسي، رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، إن "تصريح رئيس الحكومة يتضمن تملصاً من القيام بواجبه في محاربة الفساد، كما تملص سابقه بنكيران في القيام بذلك رغم أن حزب العدالة والتنمية رفع هذا شعار". ويرى الغلوسي أن ما كشف عنه رئيس الحكومة من وجود عشرات القضايا معروضة أمام القضاء إما انطلاقا من شكايات المواطنين المباشرة، أو عن طريق الرقم الأخضر لوزارة العدل، أو انطلاقا من تقارير المفتشيات العامة أو باقي المفتشيات، أو استنادا إلى تقارير المجلس الأعلى للحسابات، "غير كاف" مقارنة مع حجم الفساد المستشري في القطاعات العمومية وشبه العمومية. وأوضح رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، ضمن تصريح لهسبريس، أن التقرير الأخير الصادر عن منظمة الشفافية الدولية "يؤكد تعمق الرشوة في قطاعات القضاء والصحة والجماعات الترابية، ناهيك عما رصدته تقارير المجلس الأعلى للحسابات، لكن هذه الفضائح لا تجد طريقها إلى القضاء". وأورد المتحدث أن ملفات الفساد المعروضة على القضاء حالياً يتابع فيها بعض المنتخبين أو المقاولين أو الموظفين دون أن تطال المتابعات كبار المسؤولين في البلاد، وأشار إلى أن جمعيته سبق أن وضعت شكاية منذ أكثر من ثلاث سنوات حول فضائح تبذير 42 مليارا ضمن مخطط البرنامج الاستعجالي في قطاع التعليم، لكن إلى حد الساعة لم تظهر نتائج هذا الملف الحارق. من جهة أخرى، لفت الغلوسي إلى أن البت في ملفات الفساد المعروضة على القضاء يستغرق وقتاً طويلاً يصل أحياناً إلى أزيد من عشر سنوات، كما أن الأحكام الصادرة تكون مخففة ولا تتناسب مع خطورة الجرائم المرتكبة؛ "الأمر الذي يُسائل دور النيابة العامة وقضاة التحقيق". وكان العثماني قد أكد على ضوء تصنيف المغرب في الرتبة 81 سنة 2018 في مؤشر الرشوة العالمي، أن "ورش مكافحة الفساد ومحاربة الرشوة ورش مجتمعي كبير ومسؤولية الجميع، بالرغم من أن الحكومة تتحمل فيه المسؤولية الكبرى، وهي توليه اهتماما كبيرا حيث عملت منذ تنصيبها على أجرأة اللجنة الوطنية لمكافحة الفساد التي ستنعقد في ظرف شهر". وشدد العثماني على أن عنصر الشفافية يبقى من أهم ركائز محاربة الفساد، والحكومة بصدد مراجعة عدد من المراسيم والقوانين للرفع من درجة الشفافية على جميع المستويات، مبرزا عددا من الإجراءات التي أنجزت، منها ما يتعلق بالحكومة الإلكترونية، وتحديد آجال لمعالجة الملفات أمام القضاء، والبوابة الإلكترونية التي أطلقتها الحكومة لتلقي شكايات المواطنات والمواطنين وتتبع مآلها.