في الوقت الذي تتواصل الاحتجاجات بمدينة جرادة للمطالبة بتنمية الإقليم، خصوصا بعد مصرع شاب ثالث الأسبوع الماضي، جراء انهيار منجم عشوائي للفحم، قال عزيز الرباح، وزير الطاقة والمعادن والتنمية المستدامة، إن "الحادثة الأخيرة وقعت في الآبار غير القانونية"، مضيفا أن "الساكنة لا تلتزم بتنبيهات المسؤولين بالابتعاد عن الآبار الخطيرة". وأوضح الرباح في تصريح لهسبريس، جواباً على عدم التزام الحكومة بإغلاق آبار الموت لتجنب المخاطر كما وعدت في وقت سابق، أن "السلطات توجه تحذيرات مراراً وتكراراً بعدم التوجه إلى الساندريات الخطيرة، لكن الساكنة لا تلتزم بذلك بداعي عدم وجود مصادر أخرى للعيش". وأكد المسؤول الحكومي أن البديل الاقتصادي يحتاج إلى وقت لتفعيله على أرض الواقع، وأشار إلى أن رئيس الحكومة، سعد الدين العثماني، سيزور جرادة يوم الجمعة المقبل وسيلتقي المنتخبين والسلطات المحلية وممثلي المجتمع المدني في المنطقة. ولفت الرباح الانتبه إلى أن حوادث الموت تتكرر لأن المدينة تضم حوالي 3500 بئر غير قانونية تقرر إغلاقها، مع الإبقاء على 140 بئرا توجد بها مخلفات "الشاربون" التي يمكن استغلالها في إطار نسق آخر، وأشار إلى أن الساكنة ترفض إغلاق "الساندريات" التي توجد فيها مؤهلات؛ "لذلك تم اقتراح إمكانية استغلالها مع توفير ظروف اشتغال أكثر أمناً، وهذا الأمر لا يُمكن أن يتحقق بين عشية وضحاها"، بتعبير المسؤول الحكومية. الوزير أكد أن الحكومة منكبة على دراسة الملفات المطلبية، وأن "الالتزامات الآنية تم الشروع في إنجازها، باتفاق مع والي وعامل المنطقة، وتجري دراسة أمور أخرى، من بينها هل ما زالت المنطقة تتوفر على مؤهلات معدنية يمكن استغلالها فعلاً؟"، وزاد موضحاً أن "إطلاق الخريطة الجيولوجية مثلاً يتطلب الكثير من الوقت، والخريطة الواحدة تكلف 200 مليون سنتيم لإنجازها". من جهة ثانية، أورد الرباح أن "المنطقة توجد فيها مخلفات كثيرة من المعادن، خصوصا الشاربون الذي يقدر بحوالي 20 مليون طن، ويجب العمل على تدبيره بطريقة فعالة، وهناك أمل في أن يتم استغلاله في إطار إعادة تدوير النفايات للاستفادة منه في صناعات أخرى". وشدد الرباح على أن الجميع يتفق على أن هناك حاجة إلى نموذج تنموي بالمنطقة، وأبرز أن الدراسات أظهرت أن القطاع الفلاحي يأتي على رأس الأولويات للنهوض بأوضاع الساكنة، ثم ثانياً قطاع المعادن، بشرط تحديد مؤهلات المنطقة، ثم قطاعات أخرى من قبيل دعم الاقتصاد الاجتماعي. يشار إلى أن مدينة جرادة تعيش على وقع احتجاجات مستمرة منذ 22 دجنبر 2017، عقب مصرع شابين شقيقين، ثم مصرع شخص ثالث، الأسبوع الماضي، في مناجم عشوائية للفحم الحجري. وتؤكد الساكنة أنها ستستمر في احتجاجاتها لأن وعود المسؤولين الحكوميين لم تطبق على أرض الواقع. وسبق للحكومة أن أكدت أنها عازمة على التجاوب مع مطالب "الحراك الشعبي" في جرادة، كاشفة أنه جرى استثمار حوالي 12 مليار درهم لتنمية مشاريع الطاقة والمعادن في الإقليم، إضافة إلى مشاريع اجتماعية خاصة بالتنمية البشرية.