يُواصل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان حملة التطهير الواسعة التي أعلنها منذ محاولة الانقلاب الفاشلة عليه صيف سنة 2016، بتعقبه لأتباع الداعية الإسلامي فتح الله غولن، في أكثر من 46 بلداً. وكان المغرب قد تجاوب مع طلب الحكومة التركية بإغلاقه لمدارس محمد الفاتح، لمنظرها الداعية فتح الله غولن، الذي يعيش بالولايات المتحدةالأمريكية منذ سنوات؛ باعتبار "التحريات بشأن المؤسسات التعليمية التابعة لمجموعة محمد الفاتح بينت أنها تجعل من الحقل التعليمي مجالا خصبا للترويج لإيديولوجية هذه الجماعة ونشر أفكار تتنافى مع مقومات المنظومة التربوية والدينية المغربية"، وفق تعبير بلاغ وزارة الداخلية وقتها. مجلة "فورين أفيرز" الأمريكية كشفت، في تقرير جديد، أن أنقرة تسلمت، في إطار عمليات التطهير الواسعة، مئات المواطنين الأتراك من عشرات الدولة؛ بينهم كثيرون كانوا تحت حماية الأممالمتحدة كطالبي لجوء. وأشار التقرير إلى أن الحكومة التركية نجحت في الضغط على ما لا يقل عن 20 دولة لإغلاق مدارس غولن، ونقل أملاكه إلى السلطات التركية. وأوردت مجلة التفكير الأمريكية، المتخصصة في الشؤون الخارجية، أن المغرب من ضمن 14 دولة قامت بترحيل أتباع الداعية الإسلامي والممولين المفترضين لمجموعاته المدرسية من البلاد، بجانب كل من أنغولا وأذربيجان والبحرين وبلغاريا وجورجيا وإندونيسيا وكازاخستان وماليزيا وميانمار وباكستان وقطر والسعودية والسودان ثم تركمنستان. ولم يُعلن المغرب رسمياً عن عملية ترحيل أتباع زعيم جماعة "الخدمة"، الذي تتهمه أنقره بالوقوف وراء عملية الانقلاب الفاشل سنة 2016، بينما ينفي هو ذلك. كما أنه لا يوجد تنظيم علني في المملكة المغربية يُعلن عن نفسه تابعا للجماعة الدينية ذاتها؛ ولكن التقرير أوضح أن "عملية رصد الأتباع اعتمدت على تقارير المخابرات الوطنية التركية وأجهزة المخابرات في الدول المعنية". وكانت وسائل إعلام تركية قد أكدت، في وقت سابق، أن المخابرات السودانية سلمت نظيرتها التركية شخصا يمول شبكة فتح الله غولن، ونقلت عن مصادر أمنية قولها إن "المخابرات الوطنية التركية وجهاز المخابرات والأمن الوطني السوداني نفذا عملية مشتركة استهدفت ممدوح جيقماز في السودان، وأعاداه إلى تركيا"، في أفق القيام بعميات أخرى مماثلة. جدير بالذكر أن وزارة الداخلية المغربية سبق أن أعلنت، في يناير 2017، أن قرار إغلاق جميع مدارس غولن جاء بعد تسجيل عدم استجابة مسؤولي المدارس المذكورة لتنبيهات وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني، كقطاع وصي على المجال التعليمي، من أجل تصحيح الاختلالات المسجلة والتلاؤم مع المقتضيات القانونية والمناهج التعليمية المعمول بها. وزجت السلطات التركية، منذ محاولة الانقلاب، بأكثر من 50 ألف شخص في السجون في انتظار محاكمتهم بشأن صلات مزعومة بالشبكة؛ بينما أقالت حولي 150 ألف شخص أو أوقفتهم عن العمل في وظائف بالجيش والقطاعين العام والخاص. علاوة على ذلك، علمت هسبريس من مصادر خاصة أن جماعة غولن، التي ابتدأ وجودها بالمغرب سنة 1994 عندما تم إنشاء أول مدرسة بمدينة طنجة بدعم وتمويل من رجل أعمال مغربي، أوقفت أنشطتها، خصوصا تلك المرتبطة بالمركز الثقافي بالرباط الذي كان يُوجد بحي حسان، قرب "دار البريهي". وأوضحت المصادر ذاتها أنه جرى تحويل المركز الثقافي ذاته، وهو أحد أبرز مقرات استقطاب الجماعة في المغرب، إلى حي "أكدال"؛ ولكنه جرى تغيير اسمه حتى لا يتم حظر أنشطته من قبل السلطات المغربية، خصوصا بعد الضغط الذي مارسه طاقم السفارة التركية المعتمد بالرباط.