كشف مصدر حكومي رفيع أن الدعوة التي وجهها المبعوث الأممي إلى الصحراء، هورست كوهلر، إلى كل من المملكة المغربية، وجبهة البوليساريو، قبل يومين، لا تتعلق باستئناف المفاوضات المباشرة بين الطرفين، كما جرى فهمه من قبل وسائل الإعلام الوطنية والدولية. وكان المتحدث باسم الأممالمتحدة أعلن أول أمس الثلاثاء، خلال الندوة الصحافية اليومية التي يعقدها مع الصحافيين المعتمدين بالمنظمة الأممية، أنه تم تحديد نهاية الشهر الجاري وبداية فبراير المقبل موعدا لإطلاق جولة جديدة من المفاوضات تحتضنها العاصمة الألمانية برلين، بشأن مستقبل إقليم الصحراء المتنازع عليه بين الجانبين. وحسب ما كشفه مصدر من الحكومة لجريدة هسبريس الإلكترونية فإن وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي، ناصر بوريطة، توصل فعلاً برسالة من الأممالمتحدة، ولكن الأمر يتعلق بلقاءات ثنائية سيعقدها كولر مع كل طرف على حدة، وليس بإطلاق جولة خامسة من المفاوضات المباشرة التي توقفت منذ سنوات. وأفاد المصدر ذاته بأن المغرب لم يحدد بعدُ تاريخ ومكان اللقاء المرتقب مع المبعوث الأممي. وجوابا على سؤال لهسبريس حول إمكانية العودة إلى طاولة المفاوضات على شاكلة اجتماعات مانهاست التي كانت تجرى ضواحي مدينة نيويوركالأمريكية، قال المسؤول الحكومي إن "هذا الأمر غير مطروح في المرحلة الراهنة، وعندما يعلن سيتم تحديد موقف وشروط الرباط". ويتشبث المغرب بمبادرة الحكم الذاتي في الأقاليم الجنوبية كخيار وحيد لتسوية النزاع الإقليمي حول الصحراء المغربية، بينما تؤكد مواقف جبهة البوليساريو استمرار رفضها لهذا الحل، وترفض التفاوض بوجود شروط مسبقة. ويرى مراقبون أن عودة المغرب للجلوس مع البوليساريو وفق الشروط الراهنة "أمر في غاية الخطورة"، ولن تستفيد منه سوى قيادات التنظيم التي تبحث عن متنفس وشرعية يخرجانها من حالة الموت. وتعليقا على ذلك، قال محمد الزهراوي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاضي عياض، إن "المغرب من خلال عودته إلى التفاوض المباشر مع البوليساريو يقدم ورقة إنقاذ لهذا التنظيم الذي يُحاصره الموت من كل الاتجاهات"، وزاد: "البوليساريو تحتضر، والترياق الذي قد ينقذها من الموت هو عودة المغرب إلى التفاوض معها في الظرفية الراهنة". وأشار الباحث في تصريح سابق لهسبريس إلى أن المغرب جرّب، لمرات عديدة، خيار التفاوض؛ ولكن هناك إشكالات تجعل هذه المشاورات محكومة بالفشل منذ بداياتها، ومن بينها أن "البوليساريو ليست هي الممثل الوحيد لسكان الأقاليم، بل هناك صحراويون يسيرون مدن الجنوب وفق النموذج التنموي الذي اختاره المغرب، كما أن التنظيم لا يمتلك قرارا في يده حتى يتم الجلوس معه، بل إن التفاوض يجب أن يكون مع دولة الجزائر". وكان هورست كولر أجرى الخريف الماضي أول جولة في المنطقة، حيث التقى كافة الأطراف ومسؤولين من دول الجوار.