فقدت الساحة الحقوقية المغربية، اليوم الخميس، واحدا من أبرز وجوهها بوفاة محمد طارق السباعي، المدافع الشرس عن حماية المال العام الذي وافتْه المنية في المستشفى العسكري، بالعاصمة الرباط، بعد معاناة طويلة مع المرض. ووري جثمان الراحل بعد صلاة عصر اليوم الخميس، في مقبرة سيدي بلعباس بمدينة سلا، بحضور عدد من الحقوقيين وأصدقائه. وكان الراحل يشتغل قيد حياته محاميا، وعُرف بتولّيه مهمة الترافع في ملفات ضد الفساد المالي. ورافق الراحل محمد طارق السباعي إلى مثواه الأخير لفيف من النشطاء الحقوقيين، فيما غاب عن الجنازة مسؤولو المؤسسات الحقوقية الرسمية، وأجمع عدد من رفاقه على درب النضال أنه كان مناضلا شرسا وصلبا ومدافعا عن المستضعفين والمظلومين. محمد الهيني، الناشط الحقوقي، الذي بدا متأثرا لفقد الراحل، قال إن محمدا طارق السباعي كان بصمة وعلامة فارقة في تاريخ النضال الحقوقي المغربي، وكان من أبرز المدافعين عن حماية المال العام والمظلومين وضحايا خرق حقوق الإنسان. ووصف الهيني الراحل بمفخرة الوطن، مضيفا أن رحيله يشكل خسارة كبرى لأسرة العدالة والدفاع والمجتمع المدني والحقوقي، "فقد كان إنسانا بكل ما للكلمة من معنى، وكان يحمل مُثل العدل والدفاع عن الحق، وكان محبوبا لدى القضاة ولدى المحامين". من جهته قال الناشط الحقوقي بلعلم التوهامي، وهو من مؤسسي الهيئة الوطنية لحماية المال العام بالمغرب، إن مناقب وحسنات الرجل لا تعد ولا تحصى، وأضاف، وهو يغالب دموعه "كان الراحل حاضرا ومؤازرا للمستضعفين، سواء في المحاكمات السياسية أو في قضايا خرق حقوق الإنسان". واستطرد إنّ الراحل، منذ تأسيس الهيئة الوطنية لحماية المال العام بالمغرب سنة 2002، لم يألُ جهدا في القيام بجولات إلى مختلف مدن المغرب، من أجل مساندة المستضعفين والوقوف إلى جانبهم لاسترداد حقوقهم، وكان يؤدي مصاريف رحلاته من ماله الخاص ويرفض جميع الإغراءات المادية، وكان مالُه في خدمة المستضعفين. من جهته قال عمر الزايدي، المناضل اليساري، الذي ربطته علاقة بالراحل منذ سنة 1969، وكان حينها الفقيد لا يزال معلّما، إن محمدا طارق السباعي كان رجلا عصاميا، حيث اشتغل ودرس إلى أن صار محاميا، وفاعلا سياسيا، حيث انتمى إلى الحزب الاشتراكي الذي صار فيما بعد يحمل اسم حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي. وأضاف الزايدي أن الراحل كان مناضلا صادقا وصلبا في مواقفه ومبدئيا في الدفاع عن قضايا المحرومين والمظلومين، مضيفا "أينما كان ملف فيه مظلمة إلا ويتطوع للدفاع عن صاحبه، وكان مناضلا من مستوى عالي من المؤكد أن أرشيفه يضم العديد من أسرار اختلاسات المال العام في المغرب". الحبيب حاجي، المحامي والناشط الحقوقي، قال إن الراحل "كان يملأ المشهد الحقوقي بشكل متميز، وتخصص في فضح ناهبي المال العام، وبصم الساحة الحقوقية ببصمة متميزة، بفضحه لملفات كثيرة، يُستعصى فضحها، ولكن بجرأته وإصراره وعناده وبقتاليته استطاع أن يفضح مؤسسات وشخصيات كانت تنهب المال العام". واعتبر حاجي أن محمدا طارق السباعي سيشكل مرجعية للحقوقيين الذين عايشوه أو الذين سيأتون من بعده، مُبرزا أن "الراحل لم ينحنِ أبدا وكان شخصية عنيدة، إلى أن استسلم أمام الموت الذي خاض معه معركة غير متكافئة، وكانت هذه أول مرة يستسلم فيها في معركة ما، وقد قال لنا إن معركة الموت هي المعركة الأولى والأخيرة التي سيستسلم فيها".