"يااااااااهذا، تكلم لأراك" عمل شعري جديد للشاعر صلاح بوسريف، صدر بعمان بالأردن عن دار "فضاءات" للنشر، وهو تجربة شعرية تخوض في مفهوم "العمل الشعري"، باعتبار الكتاب كاملا هو نص واحد، من بداية العمل إلى آخر صفحة منه. في هذا العمل، وهو من القطع المتوسط، وعدد صفحاته 460 صفحة، يلج صلاح بوسريف عالم العرفان، من خلال ما حدث بين "بلخ" المكان الذي منه خرج جلال الدين، وهو صبي رفقة والده، إلى "قونية" بهضبة الأناضول، وما اعترى هذه المسافة من رعب وقتل من قبل المغول، وما شرعت حياة الرومي تعرفه من تحولات، وبما كان في هذا القرن، تحديدا، من ميل نحو العرفان الصوفي عند كبار الصوفية، على رأسهم الشيخ الأكبر محيي الدين بن عربي، وما سيحدثه الدرويش الطارئ، شمس التبريزي، في فكر الرومي وحياته من انقلاب كبير. العمل شعري في أساسه، لكنه، كما يريده الشاعر، هو "كتابة"، فيها يتجاوب ويتصادى الشعر بالسرد بالحوار، وبأصوات وضمائر، تجر النص نحو نوع من البناء الشعري البلوري المركب، بما في ذلك تفضية صفحات الكتاب، وتوزيعه الخطي، الذي هو نوع من توسيع دوال الشعر عند بوسريف. التصادي يحدث بين أصوات من عالم العرفان الصوفي كانت بين ضرورات اختراق عالم العشق عند الرومي بالشعر، وبلغة العرفان ذاتها، التي عاد إليها بوسريف في هذا العمل بعد أن كان بها بدأ تجربته الشعرية، منذ ديوانه الأول "فاكهة الليل"، الذي فيه كان للرومي حضور قوي. عمل مركب في لغته، في بنائه، في ما يحدثه من تقاطعات مع أجناس كتابية مختلفة، ما يشي ب"حداثة الكتابة"، كما ذهب إليها صلاح في أعماله النظرية، خصوصا في كتاب "حداثة الكتابة في الشعر العربي المعاصر".