بعد مُضي ثلاثة أسابيع على فاجعة وفاة أخوين في بئر لاستخراج الفحم بمدينة جرادة، لا يزال السكان هناك يحتجون. فقد خرجوا أمس السبت في مسيرة ضخمة وسط المدينة، مجددين مطالبهم بإنقاذ شباب المنطقة من البطالة والتهميش. ولم تنفع اللقاءات التواصلية التي عقدها مسؤولون، على رأسهم عزيز الرباح، وزير الطاقة والمعادن، من إطفاء الغليان الذي اندلع بمدينة الفحم، حيث لا يزال السكان يتظاهرون بالمئات طلباً لحلول جذرية لمعضلة البطالة وإيجاد بدائل حقيقية للشغل. وقال عزيز الرش، أحد أبناء المنطقة الفاعلين في الاحتجاجات، إن مسيرة أمس السبت "خرجت من الأحياء المختلفة وعرفت حضوراً وازناً للسكان المطالبين بحقوق بسيطة تضمن لهم عيشاً كريماً". وأوضح الرش، في تصريح لهسبريس، أن المسؤولين قدموا وعوداً عدة، من بينها تشغيل الشباب الحاصلين على الديبلومات في المحطة الحرارية التابعة للمكتب الوطني للكهرباء، وتوجيه نسبة أخرى للعمل في القنيطرة وطنجة، إلا أن "هذه الحلول تبقى وعودا فقط، لا شيء عملي إلى حد الساعة، كما اقترح المسؤولون على العاملين في الساندريات إنشاء شركات أو تعاونيات لاستغلال وبيع الشاربون". ويتخوف شباب جرادة من الوعود المقدمة من طرف المسؤولين، خصوصاً في ما يتعلق برخص الاستغلال؛ إذ اعتبروا أن معالم هذه الوعود غير واضحة، متسائلين ما إذا كانت ستؤول إلى الأعيان أنفسهم المستفيدين منذ مدة في هذا المجال. وقال عزيز الرش إن "شباب المنطقة يريدون مشاريع في الإقليم، والوزير الرباح وعد بذلك، لكن ليس هناك جدولة زمنية بشكل واضح لكي تطمئن الساكنة"، مضيفا: "مادامت الأجوبة غير واضحة، فالاحتجاج سيستمر". من جهته، قال محمد بونيف، رئيس فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بجرادة، إن الساكنة تطالب ب"حلول جذرية للمشاكل التي خلفتها عقود من التهميش بعد إغلاق شركة مفاحم المغرب". وأضاف المسؤول الحقوقي في تصريح لهسبريس: "في السابق كان هناك آلاف العمال في جرادة يوفرون كتلة أجرية مهمة تحرك الاقتصاد المحلي؛ الأمر الذي نتج عنه رواج مستمر لسنوات، لكن اليوم تشهد المنطقة انتشاراً للبطالة والأرامل والفقر؛ الأمر الذي انعكس على التجارة والمعيشة". وكانت جرادة تستفيد كثيراً من مناجم الفحم، لكن بعد إغلاقها أواخر التسعينات، بعد أن باتت التكاليف مرتفعة، واصل شباب المدينة العمل في هذه الآبار لاستخراج الفحم يدوياً بغرض بيعه للتجار المحليين؛ ما يعرضهم لعدة أخطار وأمراض رئوية ناجمة عن استنشاق غبار الفحم، مثل السحار.