خرج عدد من الباعة الجائلين بمدينة سطات في مسيرة حاشدة، لاستنكار ما نعتوه بالإقصاء الذي طال أفرادا منهم، والتعبير عن رفضهم للمساحة التي خصصت لكل مستفيد، منددين بوضع الحرف والمواد جنبا إلى جنب في سوق واحد. المسيرة التي انطلقت من وسط المدينة، مرورا بشارع الحسن الثاني، وصولا إلى مقر عمالة سطات، حيث ما زال الباعة الجائلون معتصمين هناك، جاءت بعدما قامت لجنة مختلطة بحملة لإخلاء الشارع العام من هؤلاء الباعة، وتحرير الملك العمومي، ومطالبة الباعة المستفيدين بالالتحاق بالأماكن التي استفادوا منها بعد إنشاء أسواق القرب بأحياء متفرّقة بالمدينة، في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، وهي العملية التي استحسنتها الساكنة. وأمام احتجاجات الباعة الجائلين، عقدت السلطات المحلية، ممثلة برئيس الدائرة، والسلطات المنتخبة، ممثلة برئيس المجلس الجماعي لبلدية سطات، وبعض الأعضاء، لقاء تواصليا، بمقر بلدية سطات، مع جمعيات من المجتمع المدني بسطات للاستماع إلى الملاحظات والاقتراحات للخروج بحلول نهائية ومرضية للجميع بخصوص ملف الباعة الجائلين. اجتماع متأخر ورفض لدور الإطفائي وقد أجمعت كل تدخلات ممثلي الجمعيات الحاضرة على أن اللقاء التواصلي جاء متأخرا، مشيرين إلى أنه كان على الجهات المعنية التواصل والتشاور منذ البداية، انطلاقا من تحديد أماكن أسواق القرب، ووضع معايير موضوعية متفق عليها، مرورا بالإحصاء، وانتهاء بعملية التوزيع، لتحقيق مبدأ التشاركية تفاديا للمأزق الذي انتهى إليه المشروع. طارق جداد، أحد الفاعلين الجمعويين المشاركين في اللقاء التواصلي، أوضح في تدخّله أن اللقاء لا يدخل في إطار المقاربة التشاركية، مشيرا إلى أن التشاركية تكون من بداية المشروع إلى آخره. وأوضح أنه تم إشراك الجمعيات في آخر لحظة من أجل القيام بدور الإطفائية لما نعته ب"حريق الاحتجاجات"، بعدما "وحلو رجلين البهيمة أثناء سلخها"، في إشارة إلى واقع ملف الباعة الجائلين بسطات. وتساءل جداد عن مصير عدد من المشاريع التي لم تخرج إلى الوجود "وعواجت ليها الطريق" منذ عهد والي جهة الشاوية ورديغة، بوشعيب متوكل. وأضاف أن "ما جرى الاتفاق عليه في بداية مشاريع عدّة يخالف الواقع حاليا"، وأوضح أن المقاربة التشاركية أمر دستوري، قبل أن يسجّل غيابها بمدينة سطات، معلّلا ذلك بكون مراسلات بعض الجمعيات ترمى في القمامة. وأكد جداد على وجود اختلالات عدّة، وطالب بمحاسبة كل من تورط في هدر المال العام، مضيفا أن "الفلوس كتلاح في الزبل في مدينة سطات". وعلّل ذلك بسوء اختيار أماكن أسواق القرب، محمّلا المسؤولية للجهات المعنية ب"قتل سوق شطيبة وعدة مشاريع أخرى". كما انتقد طريقة تدبير ملف الباعة الجائلين، وغياب أسواق القرب في تصاميم الأحياء قبل البناء، والتوسّع العمراني الذي تعرفه المدينة. المجلس البلدي يرحب بالاقتراحات عبد الرحمان العزيزي، رئيس المجلس الجماعي لسطات، قال إن هذا اللقاء هدفه التواصل، وأيضا تحقيق هدف أسمى يتمثل في توفير العيش الكريم لفئة الباعة الجائلين، موضّحا آليات المقاربة التشاركية التي تساهم فيها الجمعيات، حسب النصوص الدستورية. وأكد أن باب البلدية مفتوح في وجه الجميع للعمل بالاقتراحات وفق الإمكانات المتاحة. وأضاف العزيزي أن ظاهرة الباعة الجائلين مرفوضة لدى الجميع، بمن فيهم الباعة أنفسهم، معللا ذلك بكونها تضر بالاقتصاد الوطني والمحلي، إضافة إلى انتشار الأزبال، وهو ما يكلّف الجماعة المليارات، يقول العزيزي، موضّحا أن أصحاب المحلات التجارية امتنعوا عن أداء الضرائب وجميع مستحقات الجماعة، بسبب تضررهم من نشاط الباعة الجائلين، حتى أصبحت ظاهرة "الكرارس والكراول والحمير والبغال وعرقلة السير" سبّة لمدينة سطات، مما انعكس سلبا على مداخيل الجماعة وتدبيرها، يقول رئيس الجماعة، الذي المتحدث دعا الجميع إلى التعاون وإعمال القانون، معترفا بأن الحلول تعتريها بعض النواقص، التي يمكن معالجتها بالحوار والتواصل للخروج بحلول للإشكال المطروح. ووعد بتأهيل الأسواق المنتشرة في الأحياء، معبّرا عن استعداد المجلس لعقد لقاءات أخرى ومناقشة الإشكالات كمراجعة اللوائح. وطالب فعاليات المجتمع المدني بمد المجلس بأسماء المستفيدين الذين لا يستحقون ذلك، لاتخاذ الإجراءات القانونية في إطار الاختصاص وتحمّل المسؤوليات.