أكد وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي ناصر بوريطة، اليوم الثلاثاء أن المملكة المغربية وجمهورية جنوب افريقيا "دولتان إفريقيتان مهمتان"، تتقاسمان نفس الرؤية حول قارة افريقية مدعوة إلى تولي زمام أمرها وتسوية مشاكلها ورفع تحدياتها". وأبرز بوريطة، خلال ندوة صحفية أعقبت مباحثات أجراها مع وزيرة العلاقات الدولية والتعاون الجنوب إفريقية مايتي نكوانا ماشاباني، التي تزور المغرب لأول مرة وتشارك بالرباط في المؤتمر الوزاري من أجل أجندة إفريقية حول الهجرة، أن دور كل من المغرب وجنوب إفريقيا، محوري في ما يخص القضايا المرتبطة بالسلام، والتنمية والهجرة. وأشار إلى أن المباحثات التي أجراها مع المسؤولة الجنوب إفريقية تأتي في أعقاب اللقاء" المهم والتاريخي" الذي جرى متم شهر نونبر الماضي بأبيدجان على هامش أشغال القمة الخامسة للاتحاد الإفريقي الاتحاد الأوروبي، بين الملك محمد السادس، ورئيس جمهورية جنوب إفريقيا جاكوب زوما. وأوضح بوريطة، في كلمة خلال افتتاح أشغال المؤتمر الوزاري من أجل أجندة إفريقية حول الهجرة، أن هذه الأجندة تسعى إلى تغيير النموذج السائد، وتحديد مفهوم جديد للهجرة ينبني على مقاربة استشرافية وإيجابية وكذا إرادة سياسية حقيقية للدول التي في صالحها أن تتم عملية الهجرة في ظروف سليمة وقانونية ونظامية ومحترمة لحقوق الإنسان. وأشار الوزير إلى أن التوظيف المنصف للعمال المهاجرين، والاعتراف وتنمية الكفاءات، والاندماج الاقتصادي والاجتماعي والمدني للمهاجرين، وكذا تقاسم المسؤوليات في مجال تدبير الحدود والعودة وإعادة القبول والإدماج وإعادة الإدماج، تشكل إحدى الجوانب الكبرى للأجندة الإفريقية حول الهجرة. وسجل أنه من هذا المنطلق، ترتكز المذكرة الأولية التي قدمها الملك محمد السادس خلال القمة 29 للاتحاد الإفريقي على ثلاثة محاور أساسية، تتمثل في جعل الهجرة في إفريقيا خيارا وليس ضرورة، والتخلص من مختلف الأفكار والصور النمطية التي باتت لصيقة بالمهاجرين، وبناء رؤية شاملة ومندمجة وكلية للهجرة على صلة بالتنمية وحقوق الإنسان. وأكد أن المؤتمر الوزاري من أجل أجندة إفريقية حول الهجرة يندرج في إطار مواصلة المسلسل الذي أطلق خلال القمة 28 للاتحاد الإفريقي، عندما أعطى الملك موافقته، بطلب من رئيس جمهورية غينيا ألفا كوندي، لتنسيق عمل الاتحاد الإفريقي في مجال الهجرة، مذكرا بأنه في يوليوز الماضي، وانسجاما مع هذه المهمة الإفريقية، وضع الملك اللبنات الأولى لأجندة إفريقية حول الهجرة، بتقديم مذكرة أولية تحدد "رؤية لأجندة إفريقية حول الهجرة" أمام القمة ال29 لرؤساء دول وحكومات الاتحاد الإفريقي. وإلى جانب هذه المذكرة، أشار الوزير إلى أن الخلوة الإفريقية حول الهجرة التي نظمت بالمغرب في نونبر 2017، سعت إلى أن تكون ملتقى للتفكير الشامل والتوافقي والتشاركي، مما خول تحصيل مساهمات حوالي 120 مشاركا من وزراء، ومسؤولين كبار، وممثلي منظمات دولية، وباحثين وفاعلين بالمجتمع المدني. وفي هذا السياق، أبرز بوريطة أن المغرب يراهن على الرؤية الإيجابية للهجرة في إفريقيا كعامل للتضامن والتنمية المشتركة والتعاون جنوب جنوب، مؤكدا أن هذه الرؤية تنسجم إلى حد كبير مع مضامين سياسة المملكة في مجال الهجرة. وذكر الوزير بأن الجمعية العامة للأمم المتحدة اعتمدت بالإجماع قرارا يقضي باختيار المغرب لاحتضان، يومي 10 و11 دجنبر 2018، المؤتمر الدولي للهجرة لسنة 2018، والذي سيتم خلاله اعتماد الميثاق العالمي للهجرة الآمنة والمنظمة والمنتظمة، مضيفا أن هذا المؤتمر سيكمل أشغال المنتدى العالمي حول الهجرة والتنمية، الذي يتولى المغرب وألمانيا رئاسته المشتركة، والذي ستنعقد قمته ال11 في مراكش في الفترة من 5 إلى 7 دجنبر 2018. وأشار إلى أن احتضان المغرب لمثل هذه المواعيد يعد تكريسا للمملكة في مجال الهجرة ولدورها الريادي على الصعيد الوطني والقاري والدولي، مؤكدا أن هذا الاختيار يمثل أيضا اعترافا بنجاعة السياسة الوطنية للهجرة واللجوء التي أطلقت سنة 2013. وتابع بوريطة أن هذه السياسة، الإنسانية والشاملة، مكنت من إرساء مرحلتين لتسوية وضعية المهاجرين، مسجلا أن المرحلة الأولى، التي أطلقت في 2014، مكنت من تسوية وضعية 25 ألف مهاجر من بين 28 ألف طلب، فيما تلقت السلطات أزيد من 25 ألف طلب منذ إطلاق حملة التسوية الجديدة في 2016. وبصفته بلدا سيحتضن المؤتمر الدولي للهجرة، يشجع المغرب على اعتماد موقف إفريقي مشترك، يترجم الرؤية حول الهجرة إلى التزامات ملموسة تعكس أولويات القارة وتلتزم بجعل اللقاءات متعددة الأطراف التي ستحتضنها، منبرا للقارة وتسخير ريادتها في مجال الهجرة لصالح إفريقيا، حسب الوزير. وبعد أن أشار إلى أن سياسات التحكم في التدفقات كانت غير مجدية، أكد السيد بوريطة على ضرورة معالجة الأسباب العميقة للنزوح المكثف، وتكثيف جهود الوقاية من وضعيات الأزمة، ومواجهة غياب الأفق الاقتصادية وعدم الاستقرار والإقصاء والآثار السلبية للتغيرات المناخية. وأعرب أيضا عن ثقته في قدرة القارة الإفريقية على تغيير التصورات السلبية حول الهجرة نحو أخرى إيجابية، مؤكدا أن مشروع الأجندة الإفريقية حول الهجرة يبلور هذا الطموح الجماعي للدول الإفريقية. وانطلقت اليوم الثلاثاء بالرباط، أشغال المؤتمر الوزاري من أجل أجندة إفريقية حول الهجرة، بمشاركة حوالي عشرين وزيرا ومسؤولا حكوميا إفريقيا، من ضمنهم وزراء الشؤون الخارجية، وكذا ممثلو المنظمات الإقليمية والدولية المعنية بقضية الهجرة.