بعد مضي سنتين وأسبوعين على وضع الاستراتيجية الوطنية لمحاربة الرشوة، رسمت "ترانسبارانسي المغرب" صورة غارقة في السوداوية حول الوضع في المغرب، واصفة إياه، في بيان صحافي تُلي في ندوة نظمتها حول تتبع تفعيل الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد، ب"الخطر". ترانسبارانسي قالت إن المغرب يعاني من "فساد نسقي ومزمن"، معتبرة أن كل المؤشرات تدل على أن التطورات الراهنة "لا تسمح بالأمل في إمكانية حدوث تقدم ملحوظ دون تغيير في مواقف السلطات العمومية". وبالرغم من أن الحكومة وضعت الاستراتيجية الوطنية لمحاربة الفساد، التي خرجت إلى الوجود شهر دجنبر سنة 2015، فإن الهيئة الحقوقية ذاتها اتهمت السلطات العمومية بالتلكؤ في اتخاذ إجراءات حاسمة وقوية وفعالة قمينة بمحاربة الفساد، واكتفائها بإعلان النوايا. عبد الله حارسي، الكاتب العام بالنيابة لترانسبارانسي المغرب، قال إن الاستراتيجية الوطنية لمحاربة الرشوة "لم يتمّ تحقيق أي هدف من أهدافها". كما انتقدت الهيئة الحقوقية جمود الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومكافحتها، بحكم نهاية ولاية أعضائها منذ عام 2013 دون أن تتم تعيينات جديدة. من جهته، قال فؤاد عبد المومني، الأمين العام لترانسبارانسي المغرب، إنّ هناك إمكانية للتفاعل الإيجابي من أجل محاربة الفساد، "لكن هناك جهات تعرقل تقدمنا"، مضيفا: "الحكومة تقول إنها اتخذت إجراءات، لكن لم يكن هناك تعاضد وتعاون من طرف جميع الفاعلين؛ وهذا ما جعل الاستراتيجية الوطنية لمحاربة الفساد تعجز عن تحقيق ما نطمح اليه، لأن هناك جهات تجر إلى الخلف". مسؤولو ترانسبارانسي المغرب تساءلوا ما إذا كانت لدى الدولة المغربية الإرادة السياسية لمحاربة الفساد، معتبرين أن مشروع القانون المتعلق بالحصول على المعلومات "يقنّن الالتفاف على حق الحصول على المعلومات"، كما انتقدوا استمرار الشخصيات البارزة في الدولة بالتمتع بالإفلات من العقاب "بشكل مفضوح". وأعلنت ترانسبارانسي عن مشروع تتبع تفعيل الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد، ترمي من ورائه إلى إنشاء آلية لرصد ظاهرة الفساد في المغرب، وتنفيذ الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد، وتعزيز مساءلة السلطات العمومية المعنية بالتنفيذ. كما يرمي المشروع إلى جمع المعلومات حول قضايا الفساد والاختلالات ذات الصلة، والتتبع المستمر لعملية تنفيذ الاستراتيجية، التي ستتوجه بها ترانسبارانسي إلى ثماني وزارات وخمس هيئات ومنظمات، والشرطة والدرك، وتنظيم مرافعات من أجل تنفيذ الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد التي وضعتها الحكومة. وقالت ترانسبارانسي المغرب، التي كانت ضمن الهيئات الممثلة في اللجنة الوطنية لتتبع الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد، إنها "لن تمانع في التعاون مع الدوائر الحكومية رغم هشاشة الإجراءات المتخذة من لدنها"، وقال فؤاد عبد المومني: "نحن مستعدون للحوار والإنصات".