يبدو أن مهمة سعد الدين العثماني، الأمين العام الجديد لحزب العدالة والتنمية، الذي خلف عبد الإله بنكيران خلال مرحلة عصيبة داخليا، لن تكون سهلة وهو يستقبل العام الجديد على وقع استمرار التصدع الداخلي والتراجع المثير في حصد المقاعد البرلمانية الملغاة من قبل المحكمة الدستورية. فعلى بعد أسابيع من الانتخابات الجزئية المزمع إجراؤها يوم 25 يناير الجاري بدائرة العرائش، انتفض عدد من أعضاء الحزب الإسلامي بالمنطقة ضد قرار الأمانة العامة القاضي بتزكية أحمد الخاطب لخوض غمار المنافسة على المقعد النيابي الذي أسقطته المحكمة الدستورية. وأوضحت الأمانة العامة أن اختيارها للخاطب جاء "بعد التداول في اللائحة المرفوعة إليها من طرف لجنة الترشيح، وبعد الاعتذار المكتوب الذي توصلت به من طرف الأستاذ سعيد خيرون"، وهي التزكية التي لم ترض العديد من الأسماء المعروفة بتاريخها ونضالها داخل العرائش إلى درجة تقديم الاستقالة. ومن بين هذه الأسماء أحمد زوني، القيادي في الحزب على مستوى المنطقة، الذي احتج على تزكية قيادة "العدالة والتنمية" المركزية بطريقته؛ إذ اختار حائطه على موقع "فيسبوك" لنشر استقالته كشكل احتجاجي وكتب يقول: "أعلن عن تقديم استقالتي من مسؤولية الكتابة المحلية لحزب العدالة والتنمية بالعرائش مع كامل التقدير والاحترام لأخي أحمد الخاطب". استقالة زوني لم تكن سوى الشجرة التي أخفت غابة من الغاضبين من قرارات "إخوان العثماني" التي تتزامن مع حصد الحزب لهزائم انتخابية كبيرة في الانتخابات الجزئية، التي فقد خلالها مقعدين اثنين ولم يفز سوى بمقعدين من أصل 12 دائرة انتخابية أعيدت فيها الانتخابات بعد قرارات إلغاء صادرة عن المحكمة الدستورية. وعلق أحد أعضاء الحزب بالعرائش على قرار استقالة أحمد زوني وتزكية شخص آخر بالقول: "لك الحق يا سي احمد.. بعد سنوات من النضال، يأتي بعض القادة ويقصون رجلا مشهود بكفائته ونضاله ويرشحون محله رجلا نكرة"، مضيفا: "أنا الذي أعرف مناضلي الأحزاب في الإقليم كله. لا أعرف هذا الشخص الذي سيلقى هزيمة شنيعة في الانتخابات الجزئية". وينظر العديد من أعضاء حزب "المصباح" والمتعاطفين معه إلى محطة 25 يناير الانتخابية الجزئية باعتبارها محكا حقيقيا لقياس مدى قوة الحزب، الذي بدأ في التصدع الداخلي وحصد خيبات أمل سياسية، بدء من الإعفاء الملكي لأمينه العام السابق، عبد الإله بنكيران، من مهام رئاسة الحكومة، مرورا بحصد هزائم في الانتخابات الجزئية، وصولا إلى حالة الانقسام الداخلي الحاد وإزاحة بنكيران من ولاية ثالثة على رأس الأمانة العامة للحزب.