لقد خلق قرار السلطات العامة المغربية الصادر مؤخرا بالبدء في تطبيق الغرامات على المخالفات المتعلقة بممر الراجلين جدلا واسعا لدى مجتمعنا المغربي. والحقيقة أن التزام الراجلين بعبور الطريق من الممرات المخصصة لهم، والتزام العربات البرية ذات المحرك باحترام هذه الممرات، ما هو إلا مظهر من مظاهر المدنية والتحضر، حقنا لدماء الناس. وقد سبق التشريع الفرنساوي نظيره المغربي في تجريم عبور الراجلين الطريقَ من غير الممرات المخصصة لهم، وتجريم وقوف وتوقف العربات البرية ذات المحرك فوق هذه الممرات. وسأبدأ بإبراز مقتضيات القانون المغربي في هذا الصدد قبل الانتقال إلى القانون الفرنسي. أولا: القانون المغربي: مدونة السير على الطرق يتمثل القانون المغربي المخصص لتنظيم السياقة وحركة السير والجولان على الطرق في الظهير الشريف الصادر في 26 من صفر 1431 (11 فبراير 2010) بتنفيذ القانون رقم 52.05 المتعلق بمدونة السير على الطرق المنشور بالجريدة الرسمية عدد 5824 بتاريخ 8 ربيع الآخر 1431 (25 مارس 2010)، ص 2168، كما تم تعديله بالقانون رقم 116.14 الصادر بتنفيذه الظهير الشريف بتاريخ 13 شوال 1437 (18 يوليو 2016) المنشور بالجريدة الرسمية عدد 6490 بتاريخ 7 ذو القعدة 1437 (11 أغسطس 2016). وتنص المادة 94 (المنتمية إلى الباب الثاني من القسم الثالث من الكتاب الأول) من مدونة السير على الطرق على ما يلي: "يجب على كل راجل عند استعماله الطريق العمومية: -اتخاذ الاحتياطات اللازمة لتجنب كل خطر سواء على نفسه أو على الغير. -الامتناع عن كل عمل يمكن أن يلحق ضررا ببيئة الطريق". وتعاقب المادة 187 (المنتمية إلى الفرع الثالث من الباب الثالث من القسم الثاني) على مخالفة أحكام المادة 94 كما يلي: "يعاقب بغرامة من 20 إلى 50 درهما عن كل مخالفة لقواعد السير المقررة تطبيقا للمادة 94". ويمكن أن يستفيد الراجل الذي لم يحترم إلزامية العبور عبر ممر الراجلين من أداء غرامة تصالحية، إذ ورد بالمادة 219 (المنتمية إلى الباب الثالث من القسم الثالث من الكتاب الثاني) ما يلي: "يمكن أن تكون المخالفة الواردة بالمادة 187 موضوع مصالحة تتم بأداء غرامة تصالحية وجزافية يحدد مبلغها كما يلي: "خمسة وعشرون درهما (25 درهما)". أما بالنسبة لسائقي العربات البرية ذات المحرك الذين يرتكبون مخالفة الوقوف أو التوقف على الممرات المخصصة للراجلين، فقد خصصت لهم المادة 185 العقوبات التالية: "يعاقب بغرامة من خمسمائة (500) إلى ألف (1000) درهم كل شخص ارتكب مخالفة من الدرجة الثانية: -السائقون الذين لا يحترمون الأسبقية الواجبة للراجلين. -الوقوف أو التوقف على الأرصفة والممرات المخصصة للراجلين". هذه هي المقتضيات المنصوص عليها في القانون المغربي، وسأمر الآن إلى المقارنة مع القانون الفرنساوي، فما هي أبرز مقتضيات هذا الأخير فيما يتعلق بانتهاك الراجلين وسائقي العربات البرية ذات المحرك لممر الراجلين؟ ثانيا: القانون الفرنسي: مدونة الطريق الفرنسية Code de la route: ينص الفصل R 412-34 من مدونة الطريق الفرنسية على فئات تعتبر أيضا في حكم الراجلين: "يعتبر في حكم الراجلين: 1-الأشخاص الذين يقودون عربة طفل، مريض، ذي عجز، أو أي عربة أخرى من حجم صغير وبلا محرك. 2-الأشخاص الذين يقودون بيدهم دراجة هوائية. 3- ذوي العجز الذين يتنقلون بواسطة كرسي متحرك مُتحَكَّم فيه من طرفهم". « Sont assimilés aux piétons : 1°Les personnes qui conduisent une voiture d'enfant, de malade ou d'infirme, ou tout autre véhicule de petite dimension sans moteur. 2°les personnes qui conduisent à la main un cycle ou un cyclomoteur. 3°Les infirmes qui se déplacent dans une chaise roulante mue par eux-mêmes ». وينص الفصل R412-37على الإرشادات التي يجب على الراجلين اتباعها عند عبورهم الطريق: "يجب على الراجلين عند عبورهم الطريق الأخذ بعين الاعتبار مجال الرؤية والمسافة وسرعة العربات البرية ذات المحرك. ويجب عليهم أن يستعملوا خطوط ممر الراجلين المخصصة لهم، عندما توجد مثل هذه الممرات على مسافة أقل من 50 مترا". « Les piétons doivent traverser la chaussée en tenant compte de la visibilité ainsi que de la distance et de la vitesse des véhicules. Ils sont tenus d'utiliser, lorsqu'il en existe à moins de 50 mètres, les passages prévus à leur intention ». وهذا المقتضى في التشريع الفرنسي يعتبر منطقيا، فالراجِل الذي لا يبعد عن أقرب ممر للراجلين سوى ب50 مترا أو أقل يجب عليه أن يذهب إلى ممر الراجلين لكي يستعمله في عبور الطريق. أما إذا كان أقرب ممر للراجلين يبعد بأكثر من 50 مترا عن المكان الذي يوجد فيه الراجِل، فلا يكون هذا الأخير ملزما بالذهاب إلى ممر الراجلين لعبور الطريق، إنما يمكنه العبور من أأمن نقطة ممكنة. وينص الفصل R 412-43 على العقوبة المقررة لمخالفة الراجلين للمقتضيات المذكورة كما يلي: "كل مخالفة من الراجل لمقتضيات هذا الفرع، يعاقب عليها بالغرامة المقررة للمخالفات من الدرجة الأولى". وتتمثل عقوبة المخالفة من الدرجة الأولى حسب مدونة الطريق الفرنسية في ما يلي: الحد الأقصى للغرامة: 38 أورو، وتتراوح الغرامة الجزافية بين 11 و 17 أورو. ويعاقب الراجِل الذي لا يقوم بعبور الطريق من الممرات المخصصة للراجلين بغرامة قدرها 4 أورو. والملاحظ أن مقدار هذه الغرامة قريب من مقدار الغرامة المنصوص عليها في القانون المغربي بالنسبة لنفس المخالفة. ويأتي بعد ذلك الفصل R 414-5 من مدونة الطريق الفرنسية ليعاقب السائقين على انتهاك حق الأسبقية الممنوح للراجلين وكذلك على التوقف أو الوقوف في الممرات المخصصة للراجلين، بنصه على ما يلي: "عند الاقتراب من الممرات المخصصة للراجلين، يجب على السائقين أن لا يقوموا باجتيازها إلا بعد الاطمئنان على أنه لا يوجد أي راجل يهم بالعبور عبر الممر. ويعاقب كل سائق خالف مقتضيات هذا الفصل بالغرامة المقررة للمخالفات من الدرجة الرابعة". « A l'approche des passages prévu à l'intention des piétons, les conducteurs ne doivent effectuer de dépassement qu'après s'être assurés qu'aucun piéton n'est engagé sur le passage ». ويضيف إليه الفصل R417-5: "يحظر وقوف أو توقف عربة برية ذات محرك في ممر مخصص للراجلين. يعاقب على مخالفة مقتضيات هذا الفصل بالغرامة المقررة للمخالفات من الدرجة الأولى". « L'arrêt ou le stationnement d'un véhicule empiétant sur un passage prévu à l'intention des piétons est interdit ». وفي نفس السياق ينص الفصل R417-11 على ما يلي: "يعتبر معرقلا جدا للسير والجولان العمومي وقوفُ أو توقفُ عربة برية ذات متحرك فوق الممرات المخصصة لسير وجولان الراجلين العابرين للطريق. يعاقب على مخالفة هذه المقتضيات بالغرامة المقررة للمخالفات من الدرجة الرابعة". « Est considéré comme très gênant pour la circulation publique l'arrêt ou le stationnement : 5-d'un véhicule sur les passages réservés à la circulation des piétons en traversée de chaussée ». وتتمثل عقوبة المخالفة من الدرجة الرابعة في غرامة جزافية قدرها 135 أورو مع خصم نقطة إلى ست نقط من رخصة السياقة. ويقدر الحد الأدنى للغرامة في هذا النوع من المخالفات ب: 90 أورو، والحد الأقصى ب: 375 أورو. وقد يتم حجز وإيداع العربة البرية ذات المحرك المرتكَب بواسطتها المخالفة بالمحجز. كانت هذه أبرز مقتضيات التشريع الفرنسي الخاصة بالمخالفات المتعلقة بممر الراجلين. استنتاج عام: في ختام هذه المقارنة التشريعية، أستنتج اقتباس المشرع المغربي للمقتضيات الخاصة بالمخالفات التي يرتكبها الراجلون وسائقوا العربات البرية ذات المحرك من التشريع الفرنسي الذي كان سباقا إلى تنظيم هذا المجال، لكن تطبيق النص القانوني بالمغرب يحتاج إلى طرق مثل الطرق الموجودة في فرنسا، وإلى ممرات للراجلين منتشرة في كل زقاق وكل شارع وذات خطوط بارزة، مع العمل على طلائها بطلاء يضيء بالليل حتى يراه جيدا الراجلون والسائقون على السواء، إذ من شأن القيام بذلك أن يؤدي إلى تخفيض كبير في نسبة الأضرار الجسدية التي تصيب الراجلين سنويا، علما أن العبور غير القانوني للطريق من طرف الراجلين يمثل أكثر من نصف أسباب الحوادث التي تصيب الراجلين (تصل النسبة إلى 51 بالمئة في فرنسا مثلا). المراجع المعتمدة: 1-الظهير الشريف الصادر في 26 من صفر 1431 (11 فبراير 2010) بتنفيذ القانون رقم 52.05 المتعلق بمدونة السير على الطرق المنشور بالجريدة الرسمية عدد 5824 لتاريخ 8 ربيع الآخر 1431 (25 مارس 2010)، ص 2168، كما تم تعديله بالقانون رقم 116.14 الصادر بتنفيذه الظهير الشريف بتاريخ 13 شوال 1437 (18 يوليو 2016) الجريدة الرسمية عدد 6490 بتاريخ 7 ذو القعدة 1437 (11 أغسطس 2016) ص 5865، وزارة العدل والحريات، مديرية التشريع. -2Code de la route Français. Dernière modification le 01 Janvier 2017, https://www.legifrance.gouv.fr (Le service public de la diffusion du droit). 3-الموقع الإلكتروني المتعلق بالسلامة الطرقية في فرنسا: www.legipermis.com (Sécurité routière et législation). *طالب باحث بالسنة الخامسة من سلك الدكتوراة، تخصص: القانون الجنائي، كلية العلوم القانونية، جامعة محمد الخامس، أكدال، الرباط. [email protected]