أعاد التقرير الذي أعده المجلس الأعلى للحسابات حول الحملات الانتخابية النقاش حول التصريح بالأموال الحقيقية التي يتم صرفها من قبل السياسيين؛ وهو ما يثير كذلك الاغتناء بالمناصب الذي يشهده المغرب رغم الآليات الرقابية. وفي ما يخص مجالس الجهات، سجل المجلس الأعلى للحسابات، في تقريره أن من أصل 894 وكيل لائحة ترشيح أودع لدى المجلس 446 وكيل ترشيح تصاريح بمصاريف حملتهم الانتخابية؛ أي بنسبة إيداع قدرها 50 في المائة، من بينهم 53 وكيل لائحة ترشيح قدموا تصاريحهم خارج الأجل القانوني، مبرزا أنه لم يقم 448 بإيداع تصاريح بمصاريف حملتهم الانتخابية، من بينهم 23 منتخبا. من جهة ثانية، وبخصوص مجالس العمالات والأقاليم، قال المجلس إن من بين 489 وكيلا أودع 349 تصاريح بمصاريف حملتهم؛ أي بنسبة إيداع قدرها 71 في المائة، مؤكدا أن من بينهم 125 وكيلا قدموا تصاريحهم خارج الأجل القانوني، بينما لم يقم 140 بإيداع تصاريح بمصاريف حملتهم، ومن بينهم 127 منتخبا. أما في ما يتعلق بالجماعات فكشفت معطيات المجلس أن من أصل 1213 وكيلا صرح 653 بمصاريف حملتهم الانتخابية؛ أي بنسبة إيداع قدرها 53 في المائة، من بينهم 97 وكيلا قدموا تصاريحهم خارج الأجل القانوني، موضحا أن 560 لم يقوموا بإيداع تصاريح بمصاريف حملتهم، من بينهم 47 منتخبا. جواد النوحي، أستاذ المالية العامة بجامعة محمد الخامس بالرباط، أكد في تصريح لهسبريس على أهمية المجلس الأعلى الحسابات كمؤسسة كان ينظر إليها إلى وقت قريب على أنها غير فاعلة، مشيرا إلى الانتقال الذي عرفته هذه المؤسسة منذ ما يزيد عن عقد من الزمن. وقال النوحي إن الترسانة القانونية، سواء من خلال النص الدستوري أو المقتضيات القانونية، تؤكد على فكرة الحد من الانحراف المالي وعدم ربط المصالح العامة بالخاصة، أو الاستفادة من ميزة السلطة، مشددا على أن هذا التحول للوضع التشريعي الخاص بمدونة المحاكم المالية من خلال المستجدات التي حملها دستور 2011، وكذا النقاش العمومي السائد حول هذه المؤسسة، يدفع إلى ضرورة تفعيل مؤسسات الرقابة وحماية المال العام وربط المسؤولية بالمحاسبة. وفِي هذا الصدد أكد أستاذ التعليم العالي أن هذا الواقع أدى إلى الاهتمام بما يقوم به المجلس من قبل الفاعلين والمواطنين، من خلال تسليط الضوء على تقاريره من قبل الإعلام، مبرزا أن تقارير المجلس يتم الاعتماد عليها في تقييم أداء المؤسسات والنظر إلى نوع الانحرافات التي تسم سير البرامج العمومية. وفِي مقابل ذلك اعتبر النوحي أن التنصيص على إجبارية التصريح بالمصاريف، والذي يفتح باب ممتلكات المرشحين، يبقى غير مفعل وفق التطور المطلوب، وزاد متسائلا: "هل هناك إمكانية فعلية لمتابعة ورصد ثروات المسؤولين، والتي يتضح من خلال ما يتم صرفه في الحملات الانتخابية أنها أصبحت في الغالب مجرد إجراء شكلي لا يوليه المعنيون أي اهتمام لازم؟". وفِي هذا الصدد شدد الأستاذ الجامعي على ضرورة تفعيل هذا الاختصاص الذي يعد تفعيلا للفصل الأول من الدستور الذي يربط المسؤولية بالمحاسبة، موردا أنه لو تم تفعيل الآلية لتم الحد من الاغتناء، سواء من تحمل المسؤولية السياسية أو الإدارية، والتي تقتضي دائما طرح سؤال من أين لك هذا؟. يذكر أن عدد وكلاء اللوائح المنتخبين الذين تمت مراسلتهم في هذا الصدد بلغ 583 منتخبا، قدم منهم 296 أجوبة للمجلس؛ في حين تخلف 103 منتخبين عن القيام بذلك رغم تبليغهم، و123 منتخبا لم يقوموا بسحب مراسلة المجلس رغم توصلهم بإشعار البريد؛ في حين أن 52 منتخبا لم يتم تبليغهم لكون العناوين المعتمدة غير مضبوطة، فيما لم تقدم مصالح البريد أي جواب عن 9 مراسلات.