الأمم المتحدة هي مؤسسة دولية تسهر على حماية القانون الدولي، بما في ذلك حماية حقوق الشعوب وحقوق الدول وحقوق الأقليات ومحاربة الجريمة بكل أنواعها، سواء جرائم الدول أو الأفراد، وحل النزاعات، لكن من المؤسف أن يدخل تاجر عقارات إلى البيت الأبيض ولو عبر الانتخابات ويتاجر بالقانون الدولي، بل يهدد بوقف المساعدات الأمريكية على الدول التي تخالف قراره وليس بالضرورة قرار الولاياتالمتحدةالأمريكية. البلطجة السياسية بعدما قرر دونالد ترامب تغيير سفارته إلى القدس اهتز الغضب في العالم أجمع، لكن ترامب وحلفاءه في الحركة الصهيونية كشفوا بجلاء عن قصر نظرهم لمفهوم الانسانية وذكروني بأدولف هتلر عندما كان يحشد أنصاره في ألمانيا تحت اسم الشعب الآري، اليوم شعب الله المختار يريد أن يجعل من القدس عاصمة له وكأن باقي البشر ليس شعب الله وليس شعب الكرة الأرضية. قرار الرئيس الأمريكي ليس قرارا سياسيا، بل قرار ديني تجاري؛ بمعنى يخدم مصالح بعض رجال الدين المتطرفين في إسرائيل ويخدم مصالح ترامب التجارية. العالم اليوم لا يحتاج إلى المزيد من التقسيم والتفتيت والنعرات الفجة، لا يحتاج الى المزيد من تكديس الأموال لشركات بيع الرصاص والأسلحة على حساب حياة الأطفال والنساء والشباب والشيوخ. لا يجب أن نبكي ونقدّم اللجوء السياسي في أوروبا للمهاجرين من فلسطين والعراق وسوريا واليمن وليبيا... وفِي الوقت ذاته يرفع الفيتو ضد وقف جرائم إسرائيل وحلفائها! إن أفضل لجوء سياسي يقدم للشعوب العربية هو ضمان حقوقها الكاملة في الأممالمتحدة ومجلس الأمن بعيدا عن النفاق والاستغباء. بعثات الأممالمتحدة في ليبيا وفِي اليمن وفِي الصحراء المغربية تكلف ميزانية سنوية تقدر بالملايير لو صرفت من أجل الحل لتم حل مشاكل تلك الدول على فنجان قهوة ثمنه دولار ونصف! وفِي البلدان العربية القهوة تقدم مجانا كرما واحتراما. قضية فلسطين قضية عادلة بفريق محامين منهم من هو فاشل ومنهم من يصارع من أجل النجاح رغم العراقيل. المفاوضات بين الفلسطينيين والاسرائيليين برعاية أمريكية أفشلها ترامب بقراره الأرعن حول القدس. ومجلس الأمن كان ضعيفا أمام القرار الأمريكي والأممالمتحدة تذرف الدموع دون أن تحس بالآلام الحقيقية للشعب الفلسطيني وتردع ترامب وإسرائيل. ختاما أحيي المهندس المعماري الذي بنى مقر الأممالمتحدة وأحييه على ما جناه من أرباح مالية لشركته، لكن المهندس السياسي للأمم المتحدة ومجلس الأمن عليه تمزيق أوراقه وكتابة نص جديد يواكب جيل ومجتمع سنة 2018، جيل يركب معي القطار في لندن يوميا ويقول لي تفضل دون أن يسألني عن اسمي محمد ويحيني ويقدرني رغم أن لون بشرتي عربي كما أحييه وأقدره واعتز به، ما يعني أن الإعلام الصهيوني يحتاج ملايير السنين للتفرقة بين الإنسانية وشعوب الكرة الأرضية، شعوب زرع الله فيهم الحب والتكافل لن تنفع معه أموال دونالد ترامب ولا أموال الحركة الصهيونية. للإشارة كتبت هذا المقال في قطار لندن الذي يحمل جميع الجنسيات والألوان والديانات والأعمار، وسنة سعيدة للجميع. *كاتب ومحلل سياسي