في عام 1997 شهدت السينما العالمية لحظة فارقة بعرض فيلم "تيتانيك" للمخرج والمؤلف والمنتج الكندي جيمس كاميرون الذي استغل عن جدارة مأساة غرق سفينة "أر إم إس تيتانيك" ليقدم عملا حطم الأرقام القياسية في الفن السابع ومازال حاضرا بقوة في الأذهان. واحتفالا بمرور 20 عاما على طرح "تيتانيك" في دور السينما الأمريكية في 19 دجنبر 1997 عاد الفيلم الذي قام ببطولته النجمان ليوناردو دي كابريو وكيت وينسلت إلى دور السينما بالولايات المتحدة بنسخة بتقنية Dolby Vision بعد خمسة أعوام على تقديم الفيلم بنسخة ثلاثية الابعاد "3D" تزامنا مع الذكرى ال15 لبدء عرضه. ولا شك أن "تيتانيك" مازال يحتفظ بمكانته في الفن السابع بفضل الطريقة التي قدم بها كاميرون أسطورة السفينة "أر إم إس تيتانيك" أكبر باخرة نقل ركاب في العالم تم بناؤها في وقتها والتي تحولت لمأساة عندما أبحرت في العاشر من أبريل 1912 للمرة الأولى والأخيرة من ساوثهامبتون في إنجلترا في اتجاه نيويورك وغرقت فجر يوم 15 أبريل إثر اصطدامها بجبل جليدي بالمحيط الأطلسي ليلقي ألف و514 شخصا من أصل ألفين و223 شخصا كانوا على متنها مصرعهم. فعندما اقترح جيمس كاميرون (أونتاريو 1954) تصوير "تيتانيك" قدم المشروع على أنه قصة "روميو وجولييت في سفينة" وبالفعل لم تكن قصة الحب التي جمعت بين جاك داوسون (ليوناردو دي كابريو) وروز ديويت بوتاكر (كيت وينسلت) تقل عن المأساة الرومانسية التي ألفها ويليام شكسبير "روميو وجولييت" والتي قام دي كابريو ببطولة نسخة سينمائية منها قبل عام من "تيتانيك". "تيتانيك فيلم يتحدث عن الموت والانفصال" هكذا أكد كاميرون في مقابلة حديثة لمجلة (فانيتي فير) ليوضح مجددا سبب النهاية المأساوية لقصة حب جاك وروز قائلا "إذا كان (جاك) قد نجا فنهاية الفيلم كانت ستكون بلا معني". فيلم الأرقام القياسية: على الرغم من أن الانتاجات المليونية الضخمة باتت أمرا شائعا في هوليوود، فإن "تيتانيك" وقت عرضه كان طفرة في صناعة السينما إذ كان الفيلم صاحب أكبر ميزانية في القرن ال20 بلغت 200 مليون دولار، لكن عوضت الإيرادات هذا المبلغ الضخم بعدما بلغت في دور السينما حول العالم ملياري دولار ليصبح الفيلم صاحب أعلى إيرادات في تاريخ السينما حتى 2009 عندما تفوق عليه "أفاتار" الذي أخرجه وألفه وأنتجه جيمس كاميرون أيضا. وظل "تيتانيك" الفيلم صاحب أعلى إيرادات في دور السينما الأمريكية على مدار 15 أسبوعا متتاليا منذ بدء عرضه، وبعد النجاح الجماهيري حصد الفيلم نجاحا كبيرا على مستوى الجوائز، فيعد بجانب "بن هور " (1959) و"The Lord of the Rings: The Return of the King" (2003) الأكثر حصدا لجوائز الأوسكار في التاريخ ب11 جائزة والأكثر حصدا للترشيحات ب14 ترشيحا متعادلا مع "All About Eve" (1950 ) و"لا لا لاند" (2016). ومن بين الجوائز ال11 تبرز أفضل فيلم وأفضل مخرج وأفضل موسيقى تصويرية وأفضل أغنية ل"My heart will go on" للمغنية الشهيرة سيلين ديون وتلحين جيمس هورنر، والتي على غرار الفيلم حققت نجاحا عالميا وباتت الأغنية المنفردة الأكثر مبيعا عام 1998. وترشحت كيت وينسلت وجلوريا ستيوارت لجائزتي أفضل ممثلة وأفضل ممثلة مساعدة على الترتيب لكنهما لم تفوزا بها، فيما لم يترشح دي كابريو من الأساس لجائزة أفضل ممثل عن دوره في فيلم رغم كونه الأفضل في العام لم يترشح لجائزة أفضل سيناريو. فضول كاميرون العلمي: اعترف كاميرون أن فضوله للغوص حتى حطام تيتانيك هو الذي دفعه لتقديم الفيلم إذ قال في مقابلة ذات مرة "ما كنت أوده حقا هو الغوص حتى حطام تيتانيك. ولهذا قدمت الفيلم. شركة الإنتاج لم تكن تعلم بالأمر ولكنني قلت لهم: سوف نغوص، ونصور السفينة وسنستخدم هذه اللقطات في بداية الفيلم". أجل كاميرون، عاشق الخيال العلمي، مشروع فيلم "أفاتار" الذي عرضه في النهاية عام 2009 ، ليصور "تيتانيك" الذي وصفه ب"قصة رومانسية ملحمية" وهو لديه "طموح خفي" يكمن في أن يرى عن قرب حطام "تيتانيك" الغارقة. كما انه بعد نجاح "تيتانيك" ابتعد كاميرون عن هوليوود حتى يصبح "مستكشفا" وبالفعل أجرى العديد من الرحلات في المحيط ومنها الكثير لحطام "تيتانيك". ولإحياء الذكرى ال20 لعرض "تيتانيك" قام كاميرون ببطولة وثائقي من انتاج "ناشيونال جيوجرافيك" يحلل فيه بجانب فريق من الخبراء آخر الاستكشافات حول مأساة غرق السفينة التي أثار فيلمه الفضول العلمي مجددا لمعرفة أسباب غرق الباخرة التي كانت تعتبر غير قابلة للغرق. وفي الفيلم الذي يحمل اسم "Titanic: 20 Years Later With James Cameron" يجتمع كاميرون مع المستكشف بوب بالارد الذي اكتشف حطام "تيتانيك" عام 1985 والمؤرخين باركس ستيفينسون ودون لينش وكين مارشال لتحليل "ماذا فعل جيدا وماذا أخطأ فيه في أحد أهم الأفلام في مسيرته".