سيطرت الأزمة في إقليم كتالونيا على النقاشات السياسية خلال عام 2017 الذي شهد تتابعا "لأيام تاريخية" بداية من استفتاء غير قانوني وإعلان فاشل للاستقلال وتطبيق المادة 155 المثيرة للجدل وإقالة حكومة الإقليم والدعوة إلى انتخابات مبكرة. وبعد اندلاع "معركة تكسير العظام"، انتهى العام بدعوة الحكومة المركزية الأحزاب الكتالونية لانتخابات مبكرة، يشارك فها مرشحون رهن الحبس الاحتياطي، من بينهم نائب رئيس الإقليم السابق، أوريول يونكيراس، الذي يواجه اتهامات بالعصيان والتمرد وإهدار المال العام. كما يتواجد رئيس الإقليم السابق، كارليس بوجديمونت، في بلجيكا، حيث يدير من هناك حملته الانتخابية تجنبا لمثوله أمام القضاء الإسباني. وأدت القرارات المتتالية لحكومة الإقليم والأغلبية ذات التوجه الانفصالي في البرلمان الكتالوني، ورد الحكومة المركزية عليها باللجوء إلى المحاكم، إلى تصاعد التوتر السياسي، وخاصة في الربع الأخير من العام. وكان لهذا التوتر تداعيات اقتصادية خطيرة (من بينها انخفاض معدل السياحة وفرص العمل والاستثمار، ونقل مقار العديد من الشركات خارج كتالونيا)، فضلا عن انعكاسات اجتماعية أيضا، حيث إن الأزمة السياسية أحدثت صدمة نفسية كبرى في كافة أنحاء إسبانيا، وخاصة في كتالونيا. وكان الاستفتاء، الذي جرى في أول أكتوبر، والذي أعلنت المحكمة الدستورية أنه غير قانوني، بمثابة نقطة تحول في العملية الانفصالية. وشددت وزارة المالية المركزية في مدريد من الإجراءات المالية في الإقليم خوفا من استغلال المال العام في استفتاء أول أكتوبر، إلا أن بوجديمونت ذهب إلى ما هو أبعد من ذلك، وأوقف حسابات الإقليم التي تشرف عليها مدريد بشكل كامل. من جانبه، حذر رئيس الوزراء الإسباني، ماريانو راخوي، الزعماء الكتالونيين المؤيدين للانفصال من أن الحكومة تتعامل مع القضية بجدية تامة، قائلا "إنكم ترتكبون خطأ، وسوف تجبروننا على القيام بما لا نريد أن نصل إليه". وعلى الرغم من تأكيد الحكومة على أن هذا الاستفتاء لن يتم، تمكن مليونان و200 ألف شخص من الإدلاء بأصواتهم في الاستفتاء وسط مخالفات لا حصر لها، في الوقت الذي تمت فيه مصادرة الملايين من بطاقات الاقتراع وسط انتشار لأفراد الشرطة والحرس المدني خوفا من تقاعس عناصر الشرطة في كتالونيا (Los Mossos). وكانت أقسى الاتهامات التى وجهت للحكومة المركزية، ما قالته نائبة رئيس حزب اليسار الجمهوري الكتالوني، مارتا روفيرا، التي أكدت أن حكومة مدريد هددت بإسالة الدماء في الشوارع حال عدم التراجع عن مطالبات الانفصال، وهو ما لم تتمكن من تأكيده، مما عرضها لانتقادات شديدة. وكان خطاب ملك إسبانيا، فيليبي السادس، الذي ألقاه يوم 3 أكتوبر، دليلا على "الخطورة القصوى" للموقف في كتالونيا، والذي حذر فيه من أن "القوى الشرعية للدولة" يجب أن تحمي "النظام الدستوري" وشرعية دولة القانون والحكم الذاتي في كتالونيا. وحاول الانفصاليون إضفاء شرعية لنتائج الاستفتاء، وكذلك تدويل الأزمة، مستغلين صور الاعتداءات التي قامت بها بعض عناصر الشرطة الإسبانية، والتي احتلت الصفحات الأولى لوسائل الإعلام العالمية. واستمر بوجديمونت في تنفيذ خطته الانفصاليه، وأعلن عن استقلال الإقليم في العاشر من أكتوبر، إلا أنه ذكر أنه سيوقف التنفيذ لحين إجراء مفاوضات مع الحكومة المركزية. ولم تعلن أي دولة في العالم دعمها لانفصال كتالونيا، الأمر الذي دفع بوجديمونت إلى انتقاد الاتحاد الأوروبي وقادته، لدرجة أنه اقترح إجراء استفتاء يحدد فيه الكتالونيون ما إذا كانوا يريدون الاستمرار في الاتحاد الأوروبي من عدمه، وهو ما تراجع عنه فيما بعد. وبعد إعلان الانفصال من جانب واحد، قررت الحكومة المركزية تطبيق المادة 155 من الدستور، وهو ما أفضى إلى عزل بوجديمونت ويونكيراس وكافة أعضاء الحكومة الإقليمية، فضلا عن الدعوة إلى إجراء انتخابات مبكرة. وكان لهذه التوترات السياسية الكبرى انعكاسات في الشارع الكتالوني، الذي شهد مظاهرات حاشدة بين مؤيد ومعارض وسط استقطاب غير مسبوق. تجدر الإشارة إلى أن 2017 كان عام الأعلام، حيث إن رفع أعلام الانفصال الكتالونية على المنازل والعمارات السكنية في كتالونيا أدى إلى ظهور ما يشبه معرض أعلام ضخم في العديد من المدن الإسبانية، لم يسبق له مثيل فيما عدا تحقيق إحدى البطولات الرياضية.