يبدو أن انتخاب سعد الدين العثماني أمينا عاما لحزب العدالة والتنمية، خلفا ل"الزعيم" عبد الإله بنكيران، قد أعاد المياه إلى مجاريها بخصوص صلة "البيجيديين" بالحكومة التي رأت النور بعد أشهر من "البلوكاج" ثم الإعفاء الملكي لبنكيران من تشكيلها فتعيين العثماني خلفا له، وهو المسار الذي قسم "إخوان المغرب" بين داعم ورافض. بوادر هذا الرجوع إلى الموقف الواحد ظهرت من خلال البيان الختامي للمؤتمر الوطني الثامن للحزب الإسلامي الصادر اليوم الخميس، والذي أعلن "دعم الحكومة ومساندتها حتى تنجح في الوفاء بالتزاماتها تجاه المواطنين، ودعوتها إلى مضاعفة الجهود لمواصلة الإصلاحات وتكثيف التواصل مع المواطنين والمواطنات"، مع دعوة "هيئات الحزب ومناضليه إلى مواصلة الارتقاء بأداء الحزب في الحكومة والبرلمان والجماعات الترابية حتى يظل حزبنا قاطرة للإصلاح". الخلافات الداخلية التي عاشها "العدالة والتنمية" منذ إعفاء بنكيران من تشكيل الحكومة خيمت على الوثيقة المذكورة؛ إذ دعا البيان الختامي إلى "إطلاق حوار سياسي داخل مؤسسات الحزب من أجل قراءة جماعية للمرحلة وترسيخ ثقافة سياسية مشتركة في التعاطي مع المتغيرات". وظهر ذلك أيضا من خلال التنصيص على "الاعتزاز بالطريقة الراقية التي أدار بها الحزب خلال المرحلة الأخيرة الاختلافات الناتجة عن تداعيات إعفاء الأخ الأمين العام من رئاسة الحكومة، والنقاش حول بعض مقتضيات النظامين الأساسي والداخلي للحزب واللائحة الداخلية للمجلس الوطني". وعبّر البيان الختامي، الذي حمل توقيع جامع المعتصم، رئيس المؤتمر المدير السابق لديوان رئيس الحكومة السابق، عما وصفه "القلق بشأن عدد من المظاهر السلبية التي يعرفها المسار الديمقراطي ببلادنا"، قاصدا بذلك "إضعاف الأحزاب السياسية وتبخيس دور المؤسسات التمثيلية". ودعا "إخوان المغرب" بهذا الخصوص إلى "إطلاق دينامية إصلاحية جديدة تسهم في ترسيخ المسار الديمقراطي وتوسيع المشاركة السياسية، وتجدد آمال المواطنين في مواصلة الإصلاحات السياسية والمؤسساتية". الجدل الحادّ الذي طال النقاش الداخلي ل"العدالة والتنمية"، دفع رئاسة المؤتمر إلى توضيح مواقف "إخوان المغرب" من عدة قضايا، عبر "التأكيد على الثوابت والمرتكزات والقيم الأساسية التي قام عليها الحزب، وعلى رأسها المرجعية الإسلامية والوطن وصيانة أمنه ووحدته واستقراره وسيادته والوفاء للملكية والتعاون على خدمة الصالح العام"، إلى جانب "تقديم المصلحة الوطنية وجعلها فوق كل اعتبار، ومقاومة الظلم والريع والفساد، وصيانة قيمة الحرية والمسؤولة والديمقراطية واحترام استقلالية القرار الحزبي". البيان الختامي للمؤتمر الوطني الثامن ل"المصباح" لم يفوت الفرصة دون الحديث عن الأمين العام السابق، عبد الإله بنكيران، ومصيره، بعد "تنحيته" من زعامة الحزب جراء رفض منحه ولاية ثالثة؛ إذ أكد على "تثمين الدور المتميز الذي اضطلع به خلال المرحلة التي تولى فيها مسؤولية الأمانة العامة، وما تحقق للحزب خلالها من إشعاع ومن مكتسبات". وأضاف المصدر ذاته أن "تغيير موقعه (بنكيران) لن يغير من مكانته داخل الحزب، ولن يثنيه عن مواصلة دوره في الإصلاح وفِي تعزيز البناء الديمقراطي إلى جانب إخوانه وأخواته في الحزب، وإلى جانب كافة القوى الإصلاحية الوطنية في إطار ثوابت البلاد ومقوماتها". وفي مواقف مختلفة، اعتبر المؤتمر أن "احترام إرادة المواطنين والتدبير الديمقراطي للعمليات الانتخابية شرط أساس لرفع مستوى الثقة في العملية السياسية وفي المؤسسات المنتخبة"، وأعلن "جاهزية مناضلي الحزب للتصدي لمناورات خصوم وحدتنا الترابية في إطار الإجماع الوطني وراء جلالة الملك من أجل صون سيادة المغرب على أقاليمنا الجنوبية ومواصلة التفعيل الأمثل للنموذج التنموي فيها"، مع "تثمين الحزب للدور الريادي لجلالة الملك في تعزيز مكانة المغرب وإشعاعه الروحي والتنموي في إفريقيا".