يستمر أطباء القطاع العام في التصعيد ضد وزارة الصحة، بإعلانهم تنفيذ إضرابين عامين على صعيد كل المؤسسات الصحية بالمغرب، باستثناء أقسام الإنعاش والمستعجلات، مع مسيرة وطنية والاستمرار في مقاطعة استعمال الأختام الطبية "الكاشي"، استنكارا منهم لما وصفوه "سياسة الترقيع الصحي والتجميل الإعلامي لواقع كارثي داخل جُل المؤسسات الصحية". ولم يكتف الأطباء الغاضبون هذه المرة بالهجوم على الحكومة، بل أقدموا على الرد على اتهامات وجهت إليهم من "الهيئة الوطنية للطبيبات والأطباء بالمغرب" تتحدث عن "الغياب المستمر لأطباء القطاع العام عن مقرات عملهم"، حيث أوردت النقابة المستقلة لأطباء القطاع العام أن الأمر "تقزيم وإنْكَار لما يقومُ به أطباء وصيادلة وجراحو الأسنان القطاع العام من تضحيات داخل مستشفيات المملكة، رغم قلةِ التجهيزات ونُدرَة الموارد البشرية". المكتب الوطني للنقابة المستقلة قال، في بلاغ له، إن الأطباء سينفذون إضرابا وطنيا يوم الخميس 21 دجنبر الجاري، وثانيا منتصف يناير من العام الجديد، ومسيرة وطنية من مقر وزارة الصحة إلى مقر البرلمان بالرباط يوم العاشر من فبراير المقبل، مشيرا إلى أن الأشكال الاحتجاجية التي عنونتها بشعار "نكون أو لا نكون" ستعرف أيضا "حمل الشارة 509" ووقفات احتجاجية جهوية. وبسطت النقابة ذاتها واقعا متشائما للوضع الصحي بالمغرب، بالحديث عن "غياب المعايير الطبية لعلاج المريض المغربي والنقص الحادِّ في الموارد البشرية والمُعِدّات الطبية والبيو طبية والافتقار لشُروط الممارسة الطبية السليمة والاستهتار بأبْسطِ حقوق الطبيب المغربي"، متهمة الحكومة بنهج "سياساتٍ شعبوية تسير بقطاع الصحة إلى الهاوية وأَزَّمت وضعية الموارد البشرية.. ولعلَّ نزيفَ الاستقالات لمئات الأطر الطبية بالقطاع العام والهجرة الجماعية نحو القطاع الخاص مُؤشرٍ على ذلك". "للأسف، لم نر من حكومتنا المسؤولة الأولى عن صحة المغاربة إلا هروباً إلى الإمام وتجاهل مُستفِّز لمطالبنا"، تقول النقابة، التي شددت على أن أبرز مطالبها يتمثل في "تخويل الرقم الاستدلالي 509 بكامل تعويضاته، كمدخلٍ للمعادلة وإضافة درجتين بعد خارج الإطار والرفع من مناصب الداخلية والإقامة وتوفير الشروط العلمية لعلاج المريض"، لتشدد على "غياب رُؤيَةٍ سياسيةٍ حقيقيةٍ وصادقةٍ لإنقاذ الوضع، أمام افتقار أصْحاب القرار العمومي لأَي خارطة طريق واضحَةٍ لتَجَنُبِ السكتة القلبية التي تُهدِّدُ القطاع". وردّ الأطباء الغاضبون على ما قالوا إنها اتهامات طالتهم وتهمّ التغيب عن مقرات عملهم في المؤسسات الصحية، بالقول إن هذه الفئة "تتحمل لوحدها استمرارية الخدمات الطبية أي "المداومة الطبية" بشكل دائمٍ وعلى مدار السنة خِدْمَةً للمواطن المغربي"، مشيرين في ذلك إلى "بعض الجهات التي تُحاوِلُ جاهدةً نشرَ التفرقة وبَثَّ أفكارِ مسمومةٍ لِخَلقِ جَوٍّ مشْحُونٍ بين مكونات الجسم الطبي بالمغرب وتقٌوِيضِ العلاقة الأخوية والأزلية بين أطباء القطاع العام وإخوانهم بالقطاع الخاص". ولقرابة شهر، يستمر الأطباء الغاضبون في الامتناع عن استعمال الأختام الطبية وحمل "شارة 509"، مع تنفيذهم لثلاثة إضرابات وطنية عن العمل ووقفة احتجاجية وطنية بالرباط، خلال الأسابيع الماضية، احتجاجا على عدم تنفيذ مطالبهم، ضمن ما يصفونه بمرحلة ثانية من الغضب، مع دعوة البرلمان إلى التحرك ضمن مسؤولية الرقابة التشريعية من أجل "رصد الخروقات والأوضاع الكارثية في المستشفيات". النقابة المستقلة، التي تجمع فئة عريضة من أطباء وصيادلة وجراحي الأسنان بالقطاع العام، كشفت أنها شرعت في عقد لقاءات مع مختلف الفرق البرلمانية "من أجل شرح ملفنا المطلبي وتسليط الضوء على واقع الصحة بالمغرب"، مطالبة ممثلي الأمة في البرلمان ب "تحمُّل مسؤولية الرقابة التشريعية على المستشفيات ورصد الخروقات والأوضاع الكارثية وغير الإنسانية التي يعيشها المرتفقون والعاملون بهاته المؤسسات الاستشفائية".