تعنيف التلاميذ لأساتذتهم ظاهرة أضحت تشهد تفشيا كبيرا في أوساط المؤسسات التعليمية المغربية، متسببة للكثير من الأساتذة بعاهات مستديمة وبأضرار جسدية ونفسية بالرغم من سن الوزارة الوصية على قطاع التربية قوانين لمحاربتها. وأثار مقطع فيديو وثق لحادث تعرض أستاذ للعنف الجسدي داخل حجرة الدرس، بالثانوية التأهيلية سيدي داود بمديرية ورزازات، استياء كبيرا على مواقع التواصل الاجتماعي مخلفا ردود فعل غاضبة جراء الفعل الذي ينم عن "غياب القيم الثقافية والتربوية"، فيما تم توقيف التلميذ المعتدي البالغ من العمر 17 عاما من طرف رجال الأمن. وعلى إثر الواقعة، أكد يوسف بوراس، المدير الإقليمي لوزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي بورزازت، في اتصال بهسبريس، "رفضه القاطع لكل الممارسات التي تسيء بكرامة نساء ورجال التعليم والمؤسسة التعليمية ودورها التربوي بشكل عام". كما أعربت المديرية الإقليمية لوزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والبحث العلمي، في بلاغ توصلت به جريدة هسبريس، عن "إدانتها الشديدة ورفضها القاطع لمثل هذه السلوكيات التي تسيء إلى المنظومة التربوية والإقليم". وتابعت المديرية بأنها "ستتخذ بشكل استعجالي الإجراءات القانونية والتربوية وستقدم شكاية لوكيل الملك، بالإضافة إلى إيفاد لجنة إقليمية للوقوف على حيثيات الواقعة واتخاذ الإجراءات التربوية التأديبية اللازمة". وفي السياق ذاته، قال بوسعيد أحمد، الكاتب الإقليمي للاتحاد الوطني للشغل بالمغرب ونائب الكاتب الإقليمي لموظفي التعليم بالجامعة الوطنية، في تصريح لهسبريس، إن "تلك الواقعة ليست الأولى من نوعها التي وقعت في حق ذلك الأستاذ، بل سبقتها سلسلة من الاعتداءات الجسدية واللفظية، والتي لم يقدم فيها أي شكوى في حق هؤلاء التلاميذ". وأضاف المتحدث ذاته: "في اتصالنا بمدير المؤسسة التعليمية التي وقعت فيها تلك الواقعة، أخبرنا بأن لا علم له بتلك الممارسات التي يكرسها التلاميذ في حق مدرسهم، مؤكدا أن الأستاذ لم يقدم أي شكوى بخصوصهم". وأشار بوسعيد، في اتصاله بالجريدة، إلى أن الأستاذ حصل على "شهادة طبية" توضح عجزه عن القيام بمهامه في الفترة الراهنة؛ فيما لم يقدم أي شكوى في حق التلميذ الذي مارس في حقه فعل التعنيف. وتجدر الإشارة إلى أن ظاهرة العنف في المغرب أصبحت في تزايد مستمر، كما بينت الإحصائيات الصادرة عن المؤسسات الحكومية أن حالات العنف وصلت إلى تعرض معلم كل شهر للعنف في المدرسة، أي تسع حالات خلال الموسم الدراسي في كل سنة؛ وهو ما يدل على تحول كبير داخل المنظومة التربوية المغربية. وسبق لمحمد حصاد، وزير التربية الوطنية السابق، أن دعا، من خلال مراسلة مستعجلة، جميع الفاعلين التربويين، من مدرسات ومدرسين وأطر إدارية وتربوية، إلى الحرص أشد ما يكون الحرص على نبذ العنف بكل أشكاله، والقطع مع أي ممارسة أو سلوك قد يؤول في هذا الاتجاه. وأكد حصاد، في المراسلة ذاتها، على القائمين على تدبير المؤسسات التربوية والمهتمين بالشأن الإداري والتربوي عدم التساهل أمام أي سلوك مشين ضد أطرها سواء من التلاميذ أو المرتفقين: "عنف جسدي ضد الأستاذ أو الإداري أو التلميذ إهانة باللفظ أو الحركة التهديد ..."، حيث تبقى لمجالس الأقسام كل الصلاحيات في تقدير حجم العقوبات الواجب اتخاذها ضد المخطئين، وفق ما تنص عليه المساطر التربوية المعمول بها في هذا الشأن، وبما يضمن القطع مع كل سلوك يهدد المناخ التربوي السليم داخل المؤسسات التعليمية.