هي شحرورة الجبل ومُغِّردَته الأصيلة من دون منازع، وهي"أم الحسن" التي تنشد أغانيها على فرادتها في صباحات الربيع القروي على أشجار الصفصاف والدردار ومساءات الصيف في المنطقة على شساعتها، هلال جبلي يمتد من مقدمة جبال الريف في تاونات إلى العرائش وشفشاون وتطوان وصولا إلى طنجة، لم تبخل “شامة الزاز“ بفنها وصوتها القروي الأصيل فغنَّت بإخلاص، وأسمعتنا بصوتها النادر مواويل جبلية موغلة في الجمال والدهشة وبراءة الطبيعة، أطربت الناس بمحبة وعشق وصدق، وأدَّت بصوتها الصافي كماء ينابيع“بوعادل“ مَواويل “أعَيُّوع" التي أتقنتها دون غيرها من فنانات الطقطوقة الجبلية المعروفات في المنطقة. كانت ولازالت “شامة“ دائما تغنّي كما لو أنها تفعل لنفسها، سواء في جبال تاونات أو في ربوع الوطن وخارجه، رغبتها الوحيدة هي إسعاد الناس البسطاء في القُرى والأرياف. شامة الزّاز فنانة قروية من الطراز الرفيع من منطقة “بني زروال“ إحدى أكبر قبائل جبالة في تاونات، أصيلة وصادقة وعفوية في كلامها وأحاديثها وغنائها الجميل، قنوعة لا تطلب إلا إسعاد الناس في أعراسهم وأفراحهم، لكن من يسعدها هي؟، من يستمع إلى همومها وقد جار الزمان عليها؟. حين التقيت بها على هامش المعرض الجهوي للكتاب في تاونات، سألتها عن أحوالها، ولم يكن قصدي السؤال عن أحوالها المادية أو الاجتماعية، بقدر ما كنت أهدف إلى معرفة الجديد في مسيرتها الفنية، فكان الجواب على لسانها سريعا، لكن مربكا ومؤلما وموجعا في نفس الآن: - وَالو الْحْبيب...!! آلمني أن أسمع منها ذلك، ووخزني في عمق انتمائي الجبلي، كلنا يعرف أن "شامة الزَّاز" التي أسعدت الكثيرين بصوتها الأنثوي الجميل في أعراس الصيف من خلال مواويل الجبل في أغانيها مع الفنان محمد العروسي رحمه الله أو غيره من الفنانين الجبليين، لكن واقعها يشي بأن الجميع استفاد من موهبتها وفطرتها واستغلوها كل على طريقته، كسبوا الكثير من رأسمالها اللامادي ولمَّعوا أسماءهم الفنية على حساب صوتها، لكن دون أن تكسب هي شيئا يُغنيها الحاجة عن الناس!. فمن يعفي“شامة الزَّاز“ اليوم من وجع السؤال، وهي الفنانة الأصيلة التي أعطت لمنطقة اجبالة من دون حساب؟، أين دور المجتمع المدني؟ في غياب وزارة الثقافة التي تمثل هنا الجهاز الرسمي للدولة؟