في موعد سنوي تتوسع فيه حدود الكلمات، ويجمع بين سحر القراءة والاحتفاء بالمبدعين المغاربة، ووفق شعار: "من أجل مجتمع قارئ"، افتتحت، مساء الجمعة بساحة الفدان الجديد بمدينة تطوان، الدورة التاسعة عشرة لعيد الكتاب، المنظم من قبل وزارة الثقافة والاتصال، بشراكة مع اتحاد كتاب المغرب (فرع تطوان) ورابطة أدباء الشمال، وبتعاون مع عمالة الإقليم والمجلس الإقليمي والجماعة. وفي سياق التعريف بتاريخية ورمزية عيد الكتاب وذاكرته وقياس المسافة بين الماضي والحاضر، شهد الافتتاح الرسمي للأروقة زيارة معرض للصور الفوتوغرافية، يؤرخ لهذه التظاهرة التي احتضنتها مدينة تطوان في أربعينيات وخمسينيات القرن الماضي، بعدما أقيم هذا العيد أول الأمر بمبادرة من إدارة الحماية الإسبانية للتعريف بالكتاب الإسباني، غير أن الضغط الذي مارسه الوطنيون عجل بصدور ظهير خليفي يؤسس للاحتفال بالكتاب العربي أيضا ابتداء من سنة 1940. وأكد أحمد اليعلاوي، المدير الإقليمي لوزارة الثقافة بتطوان، أن الدورة التاسعة عشرة لعيد الكتاب لا يمكن إلا أن تكون حلقة جديدة في مسار هذه التظاهرة، التي تسعى إلى صياغة لحظة تواصل منتج بين مختلف المتدخلين في صناعة الكتاب، علاوة على تكريس القراءة كسلوك يومي وإتاحة جديد دور النشر المغربية للقراء والمتتبعين. وأضاف أن وزارة الثقافة والاتصال (قطاع الثقافة) تحرص دائما على انتظام هذا العيد السنوي ضمن برنامجها الوطني للملتقيات الجهوية للكتاب، إيمانا بوظيفتها التنموية والتنويرية، ولما تمثله من سياسة القرب الثقافي. وقال الكاتب العام لفرع اتحاد كتاب المغرب بتطوان ورئيس رابطة أدباء الشمال الشاعر والروائي محسن أخريف، في كلمته الافتتاحية، إن هذه الدورة "تلتئم على إيقاع الفقدان والوفاء معا، فقدان الشاعر الكبير محمد الميموني، الذي شكل رحيله خسارة طاقة إبداعية جددت الشعر المغربي وأغنت الآفاق الثقافية بترجماتها المنفتحة... وقبله وبعده، فهو أحد صناع عيد الكتاب في دوراته المغربية الصرفة. وأضاف أخريف: " أما الوفاء فهو المتجسد في إهداء أعمال هذه الدورة إلى روحه". ودعا رئيس رابطة أدباء الشمال السلطات المحلية إلى الاحتفاء بهذا الرمز الثقافي بإطلاق اسمه على أحد شوارع المدينة أو ساحاتها أو حدائقها أو على أحد الفضاءات الثقافية كالمكتبات والمؤسسات التعليمية، دون أن ينسى المطالبة بأن يحظى الشاعر الراحل محمد البقالي ابن مدينة تطوان بالاحتفاء والتخليد ذاته. وأوضح أخريف أنه آن الأوان أن تعرف التظاهرة نقلتها التنظيمية، بترسيخ موعدها مع متتبعي الكتاب وعشاقه، والمتمثل في يوم 23 أبريل من كل سنة، عوض شهر نونبر، الذي يصادف اليوم العالمي للكتاب وحقوق المؤلف. واقترح أن تشرف على تنظيمه مؤسسة موسومة ب "مؤسسة عيد الكتاب"، تضم جميع الشركاء الفاعلين في بناء الفعل الثقافي. وتأتي هذه الدورة، التي بلغ عدد المشاركين في فعالياتها أكثر من خمسة وستين مشاركا ومشاركة، لترسم معالم برنامج ثقافي حافل ومتنوع يمتد إلى غاية العاشر من نونبر الجاري بالمكتبة العامة والمحفوظات والمركز السوسيوثقافي، ويتضمن تقديم الكتب النقدية والروائية والشعرية والمسرحية والتاريخية، ويساهم فيه باحثون وروائيون وقصاصون ومسرحيون وشعراء، فضلا عن تنظيم ورشات للحكي وأخرى في الخط العربي، ومعرض للكتاب، تشارك فيه 28 دارا للنشر ومؤسسات جامعية وثقافية مغربية، إلى جانب المعهدين الفرنسي والإسباني، لعرض آخر إصداراتها.