أرخى "الزلزال الملكي" الذي هز وزراء ومسؤولين مغاربة، بسبب الاختلالات التي شابت مشروع "الحسيمة منارة المتوسط"، كأبرز أسباب اندلاع "حراك الريف" منذ عام بالحسيمة، ظلاله على الإعلام الدولي الذي تناول الحدث في محاولة لربط القرار الملكي الجريء بارتداداته على واقع "جوهرة الريف" وحراكها. بيير فيرميرو، الباحث الفرنسي المتخصص في الشأن المغربي، اعتبر في لقاء مع إذاعة "Europe1" الدولية أن قرار إعفاء ثلاثة وزراء من الحكومة الحالية، وسحب الثقة من خمسة آخرين في حكومة عبد الإله بنكيران، ومعاقبة مسؤولين إداريين يبقى "قرارا سياسيا نادرا"، على اعتبار أن مثل هذه المواقف تأتي في ملفات تتعلق بالفساد والرشوة وليس التأخر في إنجاز مشاريع. الأستاذ في التاريخ بجامعة "بانتيو السوربون" أورد أن من أبرز أهداف القرار الملكي الأخير بعث رسائل تنبيه إلى باقي المسؤولين المغاربة والأحزاب السياسية، وزاد: "الملك عبر عن غضبه من الملف الذي سبق له أن أشار إليه بشكل مباشر في الخطاب الملكي بمناسبة عيد العرش"، مردفا: "رغم تغيير بعض الأشخاص تبقى بنية الإدارة نفسها وتنتج المشاكل نفسها". وتحدث بيير فيرميرو عن مضي سنة على واقعة طحن "سماك الحسيمة" محسن فكري داخل شاحنة نفايات بالحسيمة بالقول إن الحادث أحال على "ما يشاع في المنطوق الشعبي المغربي بالحكرة التي تعني الإمعان في احتقار المواطن، والتي شكلت في أقصى صورها المذلة حالة بائع السمك في الحسيمة". وأوضح الباحث الفرنسي أن "واقعة الطحن المؤلمة أفرزت تعاطفا كبيرا من لدن المغاربة، خاصة في شمال المغرب وعلى مستوى مدن كبرى"، مشيرا إلى أن "واقع منطقة الحسيمة، التي تعد من المناطق البحرية المهمشة في البلاد، على غرار باقي المدن المهمشة في الصحراء والجبال، كشفت واقع المغرب الهامشي الذي يعاني من التهميش ومشاكل عديدة". واقع "جوهرة الريف" خاصة، والريف عموما، حسب المتحدث، يبقى كارثيا، إذ تعيش المنطقة "مستوى متدنيا في المعيشة بالمقارنة مع باقي المناطق، وحتى مدينة طنجة التي تتوفر على ميناء متوسطي ولا تبعدها سوى كيلومترات قليلة"، مشيرا كذلك إلى غياب الأنشطة الاقتصادية، ما يساهم في تفاقم المشاكل بالمنطقة. مظاهر هذا التردي، وفق منظور بيير فيرميرو، "تظهر أيضا من خلال صعوبة النشاط الزراعي المنتج، الذي يبقى منعدما، باستثناء زراعة "الكيف"، باعتبار أن المنطقة جبلية، وظروف الجفاف"، وأضاف: "أمام ضعف المشاريع والدعم المالي من المركز يبقى الدخل الوحيد الذي تعيش منه الساكنة هو عائدات أبنائها المهاجرين في الخارج، والذين يقدر عددهم بنصف الساكنة الريفية".