قال عبد الحق الخيام، المدير المركزي للأبحاث القضائية، إن المغرب كان هدفا للتهديدات الإرهابية منذ سنوات السبعينيات، وخصوصا بعد بروز نشاط حركة "الشبيبات الإسلامية" في الساحة. الخيام، الذي كان يستعرض تجربة المغرب في محاربة الإرهاب خلال ندوة حول "ظاهرة انتشار التطرف العنيف بمنطقة منظمة الأمن والتعاون بأوربا والإستراتيجية الكفيلة بالحد من استقطاب وتجنيد المنظمات الإرهابية للشباب: المقاربة المغربية"، يومه الجمعة بمجلس المستشارين، أكد أنه رغم التهديدات الإرهابية التي جاءت مع بروز الحركات الإسلامية، إلا أن المغرب لم يعرف أحداثا إرهابية حتى سنة 1994. وعاش المغرب أول عمل تخريبي في هذا التاريخ، حين قام عدد من الملثمين الجزائريين من جنسية فرنسية ومعهم مغاربة بالهجوم المسلح وتفجير فندق أطلس أسني الشهير بمدينة مراكش، ما خلف مقتل ما لا يقل عن ثلاثة سياح أجانب. وأوضح الخيام، في مداخلة له على هامش الزيارة التي يقوم بها وفد عن الجمعية البرلمانية لمنظمة الأمن والتعاون بأوروبا، أن الخطر الحقيقي في المغرب بدأ فعليا مع عودة المغاربة الذين التحقوا بالقتال في أفغانستان بعد الغزو الأمريكي، إذ بمجرد عودتهم بدؤوا في تكفير المجتمع المغربي ومؤسساته، معتمدين على فتاوى دينية متطرفة وتأويلات مغلوطة للنص القرآني. وبلغة الأرقام، كشف مدير المكتب المركزي للأبحاث القضائية أن المغرب فكك 174 خلية إرهابية منذ سنة 2002، وأجهض أكثر من 352 مشروعا تخريبيا كانت تهدف إلى القيام بتفجيرات في مواقع حساسة. وزاد الخيام أن الأجهزة المغربية أوقفت في إطار الإستراتيجية الاستباقية في مجال مكافحة الإرهاب 2970 شخصاً، منهم 277 في حالة عود، أي إنهم سبق أن ارتكبوا أفعالا إرهابية. وبخصوص الجماعات الإرهابية، فككت السلطات المغربية 53 خلية إرهابية مرتبطة بتنظيم "الدولة الإسلامية" المعروف اختصارا ب"داعش"؛ في حين التحق حوالي 1664 مغربيا بمنطقة الصراع السورية العراقية، منهم 100 شخص بالجماعة الجهادية "حركة الشام والإسلام"، و50 ب"جبهة فتح الشام"، بالإضافة إلى التحاق 285 امرأة مغربية و378 طفلا، عاد منهم 221 شخصا، في حين قتل 596، حسب المصدر ذاته. وأكد الخيام أن المغرب لديه إرادة متواصلة عبر إستراتيجية فريدة من نوعها تضع بعين الاعتبار المقاربة الدينية والأمنية، وشدد على أن ظاهرة التطرف ليست حكرا فقط على المجتمعات العربية والإسلامية، بل تشمل أيضا الأوروبية. وأشار مدير الBCIJ إلى أن العمليات الأخيرة التي هزت أوروبا تورط فيها أشخاص من أصول مغربية، تبين أنهم ترعرعوا في البلدان الأوروبية وليس في المغرب، وأكد أن هذا التحول يظهر أن الإرهاب لا يمكن حصره في حدود ضيقة من قبيل الوطن أو الهوية أو العرق، بل إنه لا يستثني أحدا، ما لم تكن هناك سياسات أمنية حازمة ومقاربات ناجعة.