موازاة مع مرور سنتين عن الانتخابات الجماعية والجهوية، ارتأى منتخبو حزب العدالة والتنمية بجهة الرباط-سلا-القنيطرة تقديم حصيلة السنتين الأولييْن من عملهم، رغم أنَّ هذه المدّة تخصّص، عادة، لتصفية إرث المجالس السابقة، ووضع البرامج الجديدة، ولا تعرف الأوراش الكبرى دَفعة قوية إلا في السنتين الثالثة والرابعة من عمر المجالس المنتخبة، كما جاء على لسان عزيز الرباح، عمدة مدينة القنيطرة. السكال ومشاريع الجهة عبد الصمد السكال، رئيس مجلس جهة-الرباط-سلاالقنيطرة، استهلَّ كلمته، خلال اللقاء الذي نظمته الكتابة الجهوية لشبيبة العدالة والتنمية بجهة الرباط-سلا-القنيطرة، تحت شعار "سنتين من التدبير: الحصيلة والرهانات"، مساء السبت، بالحديث عن الأهمية التي تكتسيها الجهوية لتحقيق التنمية، لكنَّ بلوغ هدف جهوية ناجحة يقتضي، حسب السكال، القطع مع التمركز الإداري، بما يسهّل مأمورية رؤساء الجهات في تدبير شؤون جهاتهم. وأوضح السكال أن الرؤية الاستراتيجية لمجلس جهة الرباط-سلا-القنطيرة، خلال الولاية الحالية، تقوم على مجموعة من المحاور الكبرى؛ الأول يتعلق ببناء الجهة وتأهيل إطار اشتغالها، والثاني يهم تصفية المشاريع التي كانت مبرمجة خلال الولاية السابقة، خُصّص لها غلاف مالي بقيمة 10 ملايير سنتيم، مبرزا أنّ حوالي تسعين في المئة من هذه البرامج أنجزت، وسيتمّ البتّ في المشاريع المتبقية في غضون السنة الجارية. وقدم رئيس جهة الرباط-سلا-القنيطرة مجموعة من المؤشرات الرقمية حول حصيلة عمل المجلس خلال السنتين الماضيتين، مشيرا إلى أنَّ الحصة التي ساهم بها في مشروع "مدينة الرباط الأنوار" بلغت 17 مليار سنتيم، فيما ناهز الغلاف المالي الذي رصده لبرنامج التنمية المندمجة والمستدامة في إقليمالقنيطرة 24 مليار سنتيم، وساهم بحوالي 13 مليار سنتيم في برنامج تأهيل ضفتي نهر أبي رقراق. وأبرز المتحدث أنَّ مجلس جهة الرباط-سلا-القنيطرة يشتغل بمعيّة مختلف الشركاء من أجل تحقيق الأهداف الكبرى التي سطّرها، مشيرا في هذا السياق إلى تخصيص 160 مليار سنتيم، على مدى سبع سنوات، من أجل تقليص الفوارق المجالية على مستوى الجهة؛ حيث سيتمّ ربْط مجموعة من المناطق القروية بشبكة الكهرباء والماء الصالح للشرب بنسبة 100% وبناء الطرق القروية، وغيرها، وتمّت المصادقة خلال الدورة السابقة للمجلس على أربع اتفاقيات مع المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب، بمبلغ عشرة ملايير سنتيم. في هذا الإطار، أوضح السكال أنَّ مجلس جهة الرباط-سلا-القنيطرة يساهم في إنجاز المئات من المشاريع المدرّة للدخل من خلال تأهيل عدد من المناطق الصناعية، كما أشرف المجلس على تأهيل أزيد من 500 مؤسسة تعليمية. وعلاقة بالتعليم، قال السكال: "نحن الجهة الوحيدة في المغرب التي دفعت مساهمتها المالية في الوكالة الوطنية"، لافتا إلى أنَّ مجلس الجهة سيشرع في تنفيذ برنامج محاربة الأمية الوظيفية لدى ثلاثة آلاف شخص يعملون في قطاعات الصيد البحري والفلاحة وغيرها. المعتصم.. نهاية كابوس النقل الحضري من جهته، قال جامع المعتصم، عمدة مدينة سلا، إنَّ المجلس الجماعي لعَدوة الرباط اتخذ، خلال السنتين الماضيتين 260 قرارا، جرى الشروع في تنفيذها، وتأجّلتْ 15 نقطة من هذه القرارات، ريثما يتمّ الوصول إلى توافق حولها بين مختلف مكوّنات المجلس، مُبرزا أنَّ "الحصيلة التي حققناها لا تعود لحزب العدالة والتنمية وحده، بل هي نتاج عمل مجموع شركائنا من الأحزاب الأخرى الذين يساهمون معنا في اتخاذ القرارات". المعتصم أكّد على ضرورة التعاون مع أحزاب المعارضة "بصدْقٍ لتضييق مساحة الاختلافات"، والتعاون، كذلك، مع جمعيات المجتمع المدني من أجل إرساء إنجاز مشاريع متوافق حولها، مشيرا، في هذا الإطار، إلى أنّ المجلسَ الجماعي لمدينة سلا سنَّ، منذ ولايته الحالية، "الخميس التشاوري"، الذي تجتمع فيه أزيد من 400 جمعية في مختلف مقاطعات تراب سلا، في الخميس الأوّل من كل شهر، لمناقشة مختلف المواضيع التي تهمّ تسيير الشأن المحلي بالمدينة. واستعرض المعتصم جملة من الإجراءات التي اتخذها المجلس الجماعي لسلا؛ أوّلها تصميم تهيئة جديدة للمدينة للرفع من تنافسيتها ولإبراز هويتها التاريخية، ثم تحديث الإدارة الجماعية. وقد جرى تشييد مرافقَ جديدة توفر شروط العمل الملائمة للموظفين وللمواطنين، ورقْمنة الحالة المدنية في كل مقاطعات المدينة، واعتماد نظام معلوماتي لاستخلاص الجبايات المحلية، ووضع الشباك الوحيد للتعمير، لافتا إلى أنّ المجلس الجماعي الذي يرأسه ماضٍ في رقمنة وثائق التعمير. وبخصوص ملف تدبير قطاع الكهرباء والماء الصالح للشرب، كشف المعتصم أنَّ المجلس الجماعي لمدينة سلا انتهى من مراجعة الاتفاقية التي تربطه بشركة "ريضال"، التي لم تخضع للمراجعة منذ 15 سنة، وبفضل هذه المراجعة سيتمكّن المجلس من استرجاع 150 مليار سنتيم على شكل متأخرات الاستثمار، كما سيتمّ إحداث محطة لمعالجة الماء الشروب في بوقنادل، بكلفة 60 مليار سنتيم، ستنطلق أشغال بنائها قريبا. وفي ما يتعلق بالنقل الحضري، الذي وصفه المعتصم ب"المعضلة" قائلا إنّ محور الرباط-سلا-تمارة يشهد "وضعية كارثية" على هذا المستوى منذ سنة 2009، جرى وضع طلب عروض جديد أمس الجمعة لاستبدال شركة ستاريو التي تتولى تدبير هذا القطاع حاليا. وحسب المعطيات التي قدمها المعتصم، سيصل أسطول الحافلات إلى 650 حافلة. وسينطلق العمل في البداية، بعد رسوّ الصفقة على الشركة الجديدة، ب450 حافلة، منها 200 حافلة جديدة، و250 حافلة من الأسطول الحالي سيُعاد تجديدها، وسيساهم مجلس جهة الرباط-سلا-القنيطرة ب100 مليون درهم، لاقتناء 150 حافلة، ووزارة الداخلية ب50 مليون درهم، وسيقتني المجلس الجماعي لسلا 100 حافلة. وبخصوص الترام، سيتم تمديد الخط الأول في الرباط إلى غاية القامرة، والخط الثاني إلى مدينة سلاالجديدة. الصديقي يحلّ مشاكل العاصمة محمد الصديقي، عمدة مدينة الرباط، ذكّر في مستهلّ مداخلته بالإكراهات التي واجهته في بداية تولّيه مسؤولية تدبير شؤون العاصمة، قائلا: "ليس سهلا أن تكون رئيس جماعة العاصمة، وينبغي ألّا ننسى أنه ماشي كلشي قابْل أن تكون العدالة والتنمية في الرباط". وبخصوص حصيلة عمل المجلس الذي يرأسه خلال السنتين الماضيتين، قال عمدة الرباط إنّ أوّل ورش فتحه هو إعادة هيكلة الاشتغال داخل مختلف المصالح التابعة للمجلس، موضحا: "وجدنا 4700 موظف كانوا في حالة تيْه حقيقي. وجدنا أن حتى رؤساء الأقسام لا يملكون هواتف بعضهم، فبدأنا في عقد اجتماعات معهم، قدموا فيها عروضهم حول تصورهم لما يمكن أن يساهموا به في الدفع بعمل الجماعة، ثم مررنا إلى الأقسام لنرى كيف يشتغل الموظفون". وأردف الصديقي أنَّ الإشكال الثاني الذي عمل على تذليله هو غياب تواصل المجلس الجماعي للرباط، فأنشأ رقما أخضر مفتوحا لجميع المؤسسات والمواطنين، ثم إنشاء الشباك الوحيد الخاص بالتعمير، الذي لم تكن جماعة الرباط تتوفر عليه رغم أنّ القانون يُلزم بذلك منذ سنة 2013، مشيرا إلى أنَّ المجلس الجماعي أجّر عمارة وأنشأ بها الشباك الوحيد للتعمير. من الإشكالات الأخرى التي قال الصديقي إنّ المجلس الجماعي للرباط تجاوزها، عدم توفّر العاصمة على مقبرة، بعد أنْ أوشكت المقابر الحالية على الامتلاء؛ حيث تمّ إحداث مقبرة جديدة على مساحة 30 هكتارا. وفي ما يتعلق بالمساحات الخضراء، قال العمدة إنّ معدّل الفرد الواحد يضاعف المعدّل العالمي؛ إذ يصل إلى 20 مترا من المساحات الخضراء. وعلى صعيد تحسين أداء الخدمات الإدارية، عمل المجلس الجماعي للعاصمة على رقمنة الحالة المدنية، وشدّدَ إجراءات تحصيل الجبايات المحلية بهدف تحسين مداخيل صندوق الجماعة، الذي تُصرف منه أكثر من 80 مليون درهم في السنة لتأدية مصاريف الإنارة العمومية، بعدما كانت في السابق في حدود 43 مليونا فقط، وأبرز الصديقي أنَّ المجلس سيُعدّ دراسة بشأن الإنارة العمومية بهدف خفْض حجم استهلاكها. الرباح وحُلم 40 مليار عزيز الرباح، عمدة مدينة القنيطرة، تحدّث بثقة عالية في النفس عن حصيلة المجلس الجماعي لمدينة القنيطرة، التي وصفها ب"المشرّفة"، وذهب أبعد من ذلك بقوله: "هذه الحصيلة هي اللي خلّات القنيطريّين يزيدونا مدة أخرى وأعطوْنا خمسة وسبعين مقعدا"، في إشارة إلى إعادة انتخابه عمدة للقنيطرة في الانتخابات الجماعية الماضية. "القنيطرة قبْل ما نْجيو حنا كانت مدينة بدون مرافق، بدون طرقات، بدون ساحات عمومية... لكن مع الأغلبية السابقة، لاحظ القنيطريون أن هناك تحوّلا كبيرا على مستوى المدينة"، يقول الرباح، مضيفا: "نحن نتعامل مع المعارضة بمنطق الحرص على التواصل معهم، وأكثر ما يفعلونه في حال رفضهم لمشروع ما هو التصويت بالامتناع، لأنهم يعرفون أنه في صالح المدينة". وذكّر الرباح بأنّ الإجراء الأوّلي الذي اتخذه بعد تولّيه رئاسة المجلس الجماعي لمدينة القنيطرة، هو البحث عن حلّ لقلّة الموارد المالية للمجلس، قائلا: "اتجهنا إلى ترشيد النفقات، واستطعنا، بفضل هذه السياسة، أن ندفع بالحصة المالية التي كان يقتنى بها بنزين أربع سيارات وشاحنتين وأربع دراجات نارية، لاقتناء بنزين عدد كبير من السيارات والشاحنات والدراجات". واعتبر الرباح أن السنتين الأولييْن من عمل المجالس المنتخبة "ما نقدرو نديرو فيها والو، لأننا نشتغل فيها على تدبير التوازنات المالية والمساطر، وإعداد البرامج"، مضيفا: "الإنجازات لن تظهر بقوة إلا ابتداء من السنة الثالثة، أي في سنة 2018 و2019 و2020، حيث ستعرف المشاريع دفعة قوية، وهذا لا يقتصر فقط على حزب العدلة والتنمية، بل ينطبق على جميع الأحزاب". وحسب الأرقام التي قدمها الرباح، فقد انتقلت ميزانية جماعة مدينة القنيطرة من 19 مليار درهم إلى 30 مليارا حاليا، معبرا عن طموحه أن تصل في المستقبل إلى 40 مليار درهم، كما أكّد أنّ الجماعة قامت بتصفية ديونها، موضحا: "ما بقاش شي واحد كيسالْنا شي حاجة". وبخصوص مشكل النقل الحضري الذي تعاني منه مدينة القنيطرة، في ظل الوضعية المتردية التي توجد عليها حافلاتها، اعتبر الرباح أن التخريب الذي يطال هذه الحافلات "مؤامرة ممنهجة"، وزاد موضحا: "اقتنينا الحافلات في الوقت نفسه الذي اقتنتها جماعة مدينة تطوان، وما زالت حافلات هذه الأخيرة في حالة جيدة، بينما حافلات القنيطرة طالها ما طالها. لا أتهم طرفا معينا، ولكن هناك تخريب ممنهج".