يبدو أن عملية التهكم الواسعة، التي تواجه نواب الأمة كل سنة بمناسبة افتتاح الملك للبرلمان، جعلت المسؤولين عن البرلمان يختارون الطريق السهل، وهو منع الصحافيين من الاقتراب من البرلمانيين مباشرة بعد نهاية الخطاب الملكي، خلال افتتاح الملك للسنة التشريعية الثانية من الولاية العاشرة اليوم الجمعة. ولم تخرج السنة الحالية عن دأب السنوات الأخيرة، حيث تم منع الصحافيين، والمصورين منهم على وجه التحديد، من القيام بواجبهم المهني، مباشرة بعد نهاية الخطاب الملكي، الذي احتضنته القاعة الكبرى لمجلس النواب. ووجد رجال ونساء "صاحبة الجلالة" أنفسهم في مواجهة حواجز من الأمنيين تمنعهم من الاقتراب من نواب الأمة ومستشاريها في الفضاء الذي خصص للمئات من الكيلوغرامات من "الحلوى المولوية"، حيث تجدد العذر القديم/الجديد، وهو "الخوف من نشر فضائح نواب الأمة في الأكل، والتي غالبا ما تلقى استهجانا من طرف المواطنين". المثير خلال افتتاح البرلمان هو أن رسائل الملك للنواب والمستشارين، والتي كانت قاسية في مجملها، لقيت تجاوبا منهم، حيث عمدوا إلى التصفيق مع كل انتقاد يوجه إليهم، وهو ما أثار موجة من التساؤلات حول ما إذا كان "نواب الأمة" يستوعبون الرسائل أم لا. "وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ، إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِندَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَّأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوا وَّهُم مُّعْرِضُونَ"، كانت هي الآية التي اختار المقرئ أن يفتتح بها الدورة الخريفية، بحضور الملك محمد السادس، وهو ما تمت قراءته على أنه رسائل إلى غير المتعظين من السياسيين المغاربة، خصوصا أن خطاب افتتاح البرلمان جاء بعد أسابيع من خطاب العرش، الذي وجه خلاله الملك نقدا لاذعا إلى السياسيين والإدارة. وسجل العديد من المتابعين للشأن السياسي المغربي أن حدة الانتقادات التي توجه من منصة الخطب الملكية مردها عدم تفاعل الطبقة السياسية مع ما تحمله الخطب الملكية من انتقادات، وكذلك في ظل التراخي المسجل في العديد من المستويات. وأجمع النواب والمستشارون، الذين استجوبتهم هسبريس، على قوة مضامين الخطاب الملكي، في مجال الدعوة الصارمة إلى المحاسبة، وكذا التلويح بالزلزال السياسي واعتماد حلول مبتكرة وشجاعة حتى وإن اقتضى الأمر الخروج عن الطرق المعتادة، منوهين بجرأة الخطاب وتفاعله مع المطالب الآنية للشعب المغربي، وخصوصا في مجال ربط المسؤولية بالمحاسبة.