مباشرة بعد انطلاق المناظرة البرلمانية الدولية حول موضوع "تسهيل التجارة والاستثمارات في المنطقة المتوسطية وإفريقيا"، صبيحة اليوم الأحد بمقر بمجلس المستشارين، من تنظيم الجمعية البرلمانية للبحر الأبيض المتوسط بشراكة مع المنظمة العالمية للتجارة، التي حضرها عامير بيريز، وزير الدفاع الإسرائيلي السابق المتهم بجرائم حرب ضد الفلسطينيين، تفجرت موجة من الاحتجاجات داخل الغرفة الثانية. ونظم مجموعة من النواب البرلمانيين، في مقدمتهم مجموعة الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، شكلا احتجاجيا في باحة مجلس المستشارين، رافعين شعارات مستنكرة لحضور "مجرم الحرب الصهيوني" بيريز، الذي دخل البرلمان المغربي مرفوقا بمجوعة من أعضاء الكنيست الإسرائيلي. وخلال بداية أشغال المناظرة، تصدى برلمانيو "ك.د.ش" لوزير الحرب الإسرائيلي السابق؛ وذلك بمنعه من الحديث في الندوة التي تلت الجلسة الافتتاحية، وواجهه البرلماني عبد الحق حيسان بأنه "مجرم حرب لا يمكن للمغاربة أن يسمحوا له بتدنيس المؤسسة التشريعية"، ليتم رفع الجلسة بعد حوالي نصف ساعة من الاحتجاج. وفي الوقت الذي تمت فيه مواجهة حيسان من طرف رئيس الجلسة بأنه لا يمثل الموقف الرسمي المغربي المعبر عنه، وأن الوفد الفلسطيني يحضر إلى جانب الوفد الإسرائيلي، أكد البرلماني المذكور أنه يمثل "الشعب المغربي الذي يرفض وجود مجرم حرب في بلاده"، مضيفا أن "البرلمانيين المغاربة يرفضون حضور المطبعين وكذا مجرمي الحرب للمؤسسة التي انتخبها الشعب لتمثله". وفي هذا الصدد، قال حيسان، في تصريح لهسبريس، إنهم يرفضون بشكل قاطع حضور هذا الوفد الصهيوني بقيادة وزير الحرب السابق، مؤكدا أن "مطالبنا بمغادرته للقاعة دامت لمدة نصف ساعة خلال ندوة ثانية، لكونه مجرم حرب". وأكد حيسان أن الندوة التي شارك فيها بيريز احتضنتها إحدى قاعات مجلس النواب، موردا أنه تفاجأ بوجود "هذا الصهيوني" عند حضوره للمناظرة، مشددا على أن الموقف المبدئي للكونفدرالية جاء لكون هذا المجرم سجل عنه تقتيل الشعب الفلسطيني. وسبق أن أعلن أعضاء مجموعة الكونفدرالية الديمقراطية للشغل "عدم علمهم المسبق بالوفود المشاركة في المناظرة على اعتبار أن مجموعتنا ليست ممثلة في مكتب المجلس، ولا نتوصل بقرارات المكتب إلا بعد مرور وقت طويل"، مدينين "تدنيس مؤسسة دستورية وطنية باستقبالها لمجرمين صهاينة أيديهم ملطخة بدماء الشهداء الفلسطينيين واللبنانيين". وبعدما أعلنت المجموعة "رفض كل أشكال التطبيع مع الكيان الصهيوني، ودعم نضال الشعب الفلسطيني من أجل إقامة دولته المستقلة على كافة أراضيه التاريخية"، استغربت "للكيفية التي يسمح بها للصهاينة لدخول التراب الوطني على اعتبار أنه ليست لدينا علاقة رسمية مع هذا الكيان الغاصب"، محذرة "من تدنيس الجنسية المغربية بإلصاقها بمجرمين صهاينة بذريعة أصولهم المغربية". رد مجلس المستشارين وتفاعلا مع هذه الوقائع، قرر مجلس المستشارين الخروج عن صمته عبر بلاغ توصلت به جريدة هسبريس الإلكترونية، أورد فيه أن المجلس لم يسبق له أن وجه الدعوة إلى الوفد الإسرائيلي ولا إلى غيره من الوفود الممثلة للدول الأعضاء في المنظمتين المذكورتين (الجمعية البرلمانية للبحر الأبيض المتوسط والمنظمة العالمية للتجارة)، على اعتبار أن اختصاص توجيه الدعوة يبقى حصريا لأجهزتها التقريرية. وشددت الغرفة الثانية على أن قرار احتضان هذا المؤتمر تم اتخاذه من قبل مكتب مجلس المستشارين بإجماع كافة مكوناته، كما يشهد على ذلك محضر مدون لاجتماع المكتب بتاريخ 10 يوليوز 2017، "بل واتفق أعضاء مكتب المجلس على احتضانه بمقر البرلمان، بعدما كان مقررا استضافته بمدينة الدارالبيضاء". بلاغ الغرفة الثانية قال إن الإعداد لهذه المناظرة تم بشكل علني ومسؤول، وبعلم كافة المكونات الممثلة داخل مجلس المستشارين؛ إذ عمم المجلس بلاغا إخباريا حول احتضانه لهذه المناظرة الدولية، وتم نشره في الموقع الرسمي للمجلس ومنابر إعلامية مختلفة، و"بالتالي، فإن الحديث عن الإعداد لهذه التظاهرة الدولية في سرية هو أمر عار من الصحة. كما أن المجلس ينفي على الإطلاق منع الصحافة الوطنية من تغطية أشغال هذه التظاهرة الدولية". وفي السياق ذاته، أكد المجلس أنه حينما يستضيف برلمان عضو اجتماعا أو مؤتمرا لمنظمة دولية، كما هو حال الجمعية البرلمانية للبحر الأبيض المتوسط والمنظمة العالمية للتجارة، فإنه لا يحق له بمقتضى القانون الدولي والأعراف الدبلوماسية الاعتراض أو استعمال الفيتو ضد هذا الوفد البرلماني أو ذاك، طالما أنه يتمتع بالعضوية في تلك المنظمة، كالجمعية البرلمانية للبحر الأبيض المتوسط، التي تعد ملاحظا لدى منظمة الأممالمتحدة. كما أن مكان انعقاد مؤتمرات أو لقاءات من هذا النوع يعتبر بموجب القانون الدولي أرضا دولية. وأضافت الوثيقة: "مجلس المستشارين ممثل داخل الجمعية البرلمانية للبحر الأبيض المتوسط من خلال شعبة تضم في عضويتها ممثلا لفريق العدالة والتنمية، دأب على الحضور في أنشطة هذه المنظمة التي اعتادت إسرائيل الحضور فيها باعتبارها عضوا فيها، ومد مكتب المجلس بتقارير حول مشاركته في أنشطتها". واسترسل المصدر ذاته بأن "الجهات التي اعتادت على ازدواجية الخطاب والمواقف تعرف أن من يمنح التأشيرات للوفود الأجنبية لدخول التراب الوطني ليست رئاسة مجلس المستشارين، وعليها أن تمتلك الشجاعة والوضوح لمخاطبة الجهة المسؤولة عوض تغليط الرأي العام الوطني بشعارات زائفة وتضليلية". واعتبر مجلس المستشارين أنه لا يمكنه الإقدام على خطوة تمس ولو قليلا الالتزامات الدولية للمغرب، مؤكدا أنه يتحمل مسؤولياته الوطنية والسياسية والأخلاقية كاملة، ولا يمكنه المقامرة بالالتزامات الدولية للمملكة وبمصالحها العليا. وختم مجلس المستشارين توضيحاته بالتشديد على أنه بادر من خلال العديد من المواقف والمبادرات وطنيا، وداخل المحافل البرلمانية الدولية، إلى نصرة القضية الفلسطينية، وأهمها البند الطارئ الذي قدمه رئيس المجلس، باسم البرلمان المغربي، في الاتحاد البرلماني الدولي حول موضوع استكمال مسلسل الاعتراف الدولي بفلسطين كدولة مستقلة ذات سيادة وعاصمتها القدس الشريف، مؤكدا أن القضية الفلسطينية التي تعتبرها بلادنا قضية وطنية، ليست مجالا للمزايدة السياسية والحسابات الأنانية الضيقة.