في ظل المخاوف التي برزت منذ إعلان قرار استقلالية النيابة العامة عن السلطة التنفيذية، ممثلة في وزارة العدل، وجّه رئيس النيابة العامة، الوكيل العام، رسائلَ طمأنة إلى الرأي العام خلال حفل تسليم السلط بينه وبين وزير العدل، اليوم الجمعة بمقر النيابة العامة في الرباط. وأكد عبد النبوي أنّ استقلالية النيابة العامة عن السلطة التنفيذية "لا تعني الانفصال التام عن الدولة، ولكن عدم الخضوع لحزب من الأحزاب، أو جماعة من الجماعات، أو تيار إيديولوجي، والحفاظ على حقوق الأفراد والجماعات ومقدسات البلاد ومكافحة أنشطة المجرمين حتى تنتصر العدالة". واسترسل عبد النبوي بأنّ استقلال النيابة العامَّة لا يعني العمل بمنأى عن أي مساءلة أو محاسبة، ولا عدم التعاون مع مؤسسات الدولة والمجتمع، مضيفا: "لن نكون أداة طيعة في يد شخص أو جماعة ضد جهات أخرى، ولا سلاحا يُستعمل من طرف جهة ضد أخرى، بل سنعمل في إطار القانون، وسنكون سلاحا في يد الوطن ضد خصومه، وسلاحا في يد المواطنين للذود عن حقوقهم ومواجهة الجريمة والمجرمين". وأكد المتحدث ذاته أن النيابة العامة، ورغم استقلاليتها، فهي جزء من سلطات الدولة، التي يقر الدستور على توازنها وتعاونها لما فيه مصلحة الوطن والمواطنين، وهي مؤطرة بقانون يحكم مختلف تدخلاتها، ما يجعل قراراتها خاضعة للرقابة، بما لا يخل بالمسؤولية الملقاة على عاتقها، مشيرا إلى أنّ رئاسة النيابة العامة ليست بمنأى عن المحاسبة التي نص عليها الدستور، وإن كانت لا تتم بنفس الآليات التي تحاسب بها السلطات الأخرى. وذهب رئيس النيابة العامة إلى القول إنّ المغرب "سينضم، ابتداء من 7 أكتوبر الجاري (تاريخ دخول استقلال النيابة العامة حيّز التنفيذ)، إلى أعرق النماذج الديمقراطية في العالم"، مضيفا: "مؤسسة النيابة العامة ستدخل في معركة كسب الرهان الديمقراطي، وهي مهمة نحن واعون بأنها لن تكون مفروشة بالورود، لكننا سنعمل على كسب هذا الرهان مدعومين بجلالة الملك". وحرص رئيس النيابة العامة على مدّ يد التعاون إلى باقي المؤسسات الأخرى، وخاصة المؤسسة التشريعية، مؤكدا التزامه بتنفيذ السياسة الجنائية التي يقرها المشرّع، باعتباره المختص بوضع السياسة الجنائية والساهر على تتبع سيْر تنفيذها، مضيفا: "رأينا سيكون التمسك بتعليمات جلالة الملك التي وجهها إلينا يوم تعيينه لنا شهر أبريل الماضي، إذ أمر بالدفاع عن الحق العام والذود عنه وحماية الصالح العام وضمان مبادئ العدل والإنصاف لاستكمال إرساء أسس دولة الحق والقانون". في هذا الإطار طالب عبد النبوي قضاة المحاكم بأن "يحرصوا على تسيير محاكمهم كما يحرصون على بيوتهم، وتقديم الخدمات اللازمة للمواطنين بنفس الجودة التي يرغبون في أن تقدم لهم الخدمات في الإدارات العمومية"، كما طالب وكلاء الملك ب"السهر على تحسين الخدمات المقدمة للمتقاضين، وحماية التوازن بين العدل والحريات، وفتح مكاتبهم أمامهم واستقبال المشتكين وتخصيص أحسن العناصر للنظر في شكاواهم"، خاتما كلمته بالقول: "سنحرص على أن نكون في مستوى تطلعات الشعب المغربي".