أنهت لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان، بمجلس النواب، الجدل حول فصل النيابة العامة عن السلطة التنفيذية، ممثلة في وزير العدل والحريات، الذي يعتبر رئيسها الحالي، حيث صوتت لصالح إسناد رئاستها إلى الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض. وفي سابقة من نوعها، صوت على مشروع القانون التنظيمي المتعلق بالسلطة القضائية، نواب الأغلبية فقط بالإجماع، بعدما انسحبت المعارضة احتجاجا على ما اعتبرته "غيابا للتشاركية من طرف الحكومة في التصويت على القانون التنظيمي". ورغم أن الأغلبية طالبت بالاحتفاظ في هذه المرحلة على تبعية النيابة العامة لوزارة العدل بشروط"، مبررة ذلك بكون وزير العدل هو المسؤول عن تنفيذ السياسة الجنائية، لأنه يخضع لمراقبة البرلمان ويمكن محاسبته، بخلاف الصفة القضائية للرئيس الجديد للنيابة العامة، إلا أن الضغوط التي مارسها الرميد على أغلبيته جعلتها تتراجع وتصوت لصالح استقلالية النيابة العامة. ويعود سبب تشبث الوزير الإسلامي، بالاستقلالية، رغم اختلافه الشخصي معها، وهو ما عبر عنه أكثر من مرة، إلى التزامه بما نص عليه أعضاء الهيئة العليا للحوار الوطني حول إصلاح منظومة العدالة، في الوثيقة النهائية التي تمخضت عن سنة من الحوار، بعد نقاشات حادة حول استقلالية النيابة، إلى "إعمال الضمانات المقررة دستوريا لاستقلال السلطة القضائية، تحصينا لها من أي تدخل أو تأثير خارجي". ولتجاوز غياب ربط المسؤولية بالمحاسبة، اقترحت الأغلبية في تعديلاتها، أن "يقدم رئيس النيابة العامة تقريرا سنويا حول تنفيذ السياسة الجنائية خلال اجتماع مشترك للجنتين البرلمانيتين المختصتين ويكون متبوعا بمناقشة"، مبررة ذلك بكون أنه هو من "سيحل محل وزير العدل في ممارسة السلطة الرئاسية على النيابة العامة، وهذا الحلول سيفوت الفرصة على البرلمان للاطلاع على مآل تنفيذ السياسة الجنائية". ويرمي تعديل الأغلبية حسب نصه، إلى ربط جسور التواصل بين البرلمان والوكيل العام للملك لدى محكمة النقض بصفته سلطة إدارية رئاسية وليس بصفته القضائية، مشيرة أن "ذلك سيكون من خلال تقديم هذا الأخير لتقرير سنوي حول تنفيذ السياسة الجنائية، وهو ما يعزز آليات التعاون والتوازن في نطاق فصل السلط". ووفقا لما تم الاتفاق عليه بين الحكومة والأغلبية، فقط نص مشروع القانون التنظيمي، الذي تم المصادقة عليه، في صيغته النهائية على، أن يتلقى مجلسي النواب تقارير حول وضعية القضاء ومنظومة العدالة، بالإضافة إلى الرئيس الأول لمحكمة النقض، الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، بصفته رئيساً للنيابة العامة، حول تنفيذ السياسة الجنائية وسير النيابة العامة، قبل عرضه ومناقشته أمام اللجنتين المكلفتين بالتشريع بمجلس البرلمان.