بعد أقل من خمسة أشهر على التوجيه الذي أصدره عبد الرحيم الشيخي، رئيس حركة التوحيد والإصلاح، إلى أعضاء حزب العدالة والتنمية المنتمين في الوقت نفسه إلى الحركة، يعود التنظيم الدعوي ذاته إلى الوقوف عند الصراعات التي خلفتها تجربة تشكيل الحكومة الجديدة في صفوف التنظيمين، محذرا أعضاء الحركة الدعوية هذه المرة من العقاب التنظيمي. سبب البلاغ غير المسبوق، الصادر عن أجهزة حركة التوحيد والإصلاح في حق أعضائها النشيطين بحزب العدالة والتنمية، يعود إلى الملاسنات وتبادل الاتهامات بين أعضاء التنظيم الواحد بخصوص إمكانية فوز عبد الإله بنكيران، الأمين العام للحزب، بولاية ثالثة، إلى جانب الاختلاف الشديد في وجهات النظر بشأن طريقة تشكيل الحكومة الحالية، وهو النقاش المستمر إلى اليوم. وخلّف البلاغ الجديد للحركة غضبا داخل أوساط العديد من أعضاء حزب المصباح، الذين اعتبروا الخطوة تدخلا في الشأن الداخلي للحزب، كما أعاد إلى الواجهة سؤال الفصل بين السياسي والدعوي في تجربة العدالة والتنمية. إدريس الكنبوري، المتخصص في شؤون الحركات الإسلامية، يرى أن "التبعية المتبادلة بين حزب العدالة والتنمية وحركة التوحيد والإصلاح هي واقع، على اعتبار أن مجموعة من الأعضاء داخل الحزب موجدون في صفوف الحركة والعكس". وأضاف الكنبوري، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن "الادعاء بأن هناك فصلا بين الحزب والحركة هو كلام غير صحيح وموجه إلى التسويق التجاري، إذ إن البيان الأخير هو اعتراف صريح بالتبعية للتنظيمين وبالولاء المزدوج بينهما"، مرجعا كل هذا إلى ما اعتبره عدم تدقيق وعدم إيجاد وسيلة عقلانية للفصل بين السياسي والدعوي. وأفاد الكنبوري بأن هناك ازدواجية في الأدوار وفي الانتماء بين التنظيمين المشار لهما، و"هذه الازدواجية التنظيمية تجعل العضو في مفترق طرق بين الولاء للحركة وبين الالتزامات داخل الحزب، ومن الطبيعي أن يؤدي ذلك إلى صراع بين أعضاء التنظيمين وحتى بين الشخص مع ذاته". وسجل المتحدث ذاته أن البيان الأخير "اعتراف من الحركة بأن مسألة الازدواجية هذه أصبحت عبئا عليها، حيث إن الصراعات السياسية داخل حزب العدالة والتنمية بدأت تنعكس على الوضع التنظيمي داخل الحركة، وهو أمر كان متوقعا منذ مدة طويلة، ولربما سيصل هذا الصراع بسبب حالة الازدواجية إلى مستويات أكبر". ويتوقع الباحث في الحركات الإسلامية أن المؤتمر المقبل للحزب سيشهد بلا شك مواجهة بين تيار بنكيران وتيار العثماني أو تيار "الوزراء"، متابعا بالقول: "نحن نعلم أن الحزب يضم أعضاء كثرا من الحركة، حيث لا بد أن ينقسم الولاء بين هذا التيار والتيار الآخر، وهذا سوف ينعكس بالضرورة على حركة التوحيد والإصلاح". من جهته، قال عبد الرحيم الشيخي، رئيس حركة التوحيد والإصلاح، إنه كان يتوقع أن يثير هذا البلاغ الأخير للحركة جدلا كبيرا، قبل أن يعود ويؤكد أن هذا الأخير "يتناول العمل السياسي لأعضاء الحركة، سواء كانوا قيادات بالحزب أو أعضاء أو في مناصب المسؤولية". وفي المقابل، نفى الشيخي أن يكون البلاغ تدخلا في شؤون حزب "المصباح"، مبرزا أن "المعنيين من كل هذا هم أعضاء الحركة، إذ لم يوجه البلاغ إلى مؤسسات الحزب أو إلى عموم أعضائه". وأفاد الشيخي، في تصريح خص به هسبريس، بأن المؤشرات التي استدعت إصداره للتوجيه السابق لأعضاء الحركة لا تزال مستمرة، وعلى رأسها تدبير الخلاف بطريقة "غير أخلاقية" و"غير تربوية"، الشيء الذي دفع أجهزة التنظيم الدعوي إلى إصدار البلاغ الثاني، مشددا على أن إصدار البلاغ لا يعدو أن يكون "تنبيها وتذكيرا بقيمنا وأخلاقنا التي يجب على الإنسان الحفاظ عليها أينما كان". وبخصوص الإجراءات العقابية، النقطة التي أثارت الجزء الأكبر من الجدل، أبرز الشيخي أن ذلك لن يتعدى تنبيهات وإنذارات للأعضاء الذين سيستمرون في النهج نفسه، مستبعدا أن يصل المطاف حد التوقيف وتجميد العضوية.