بعد الانتقاد شديد اللهجة الذي وجهه الملك محمد السادس إلى الإدارة المغربية، محملا إياها جانبا كبيرا من المسؤولية عن تعطيل المشاريع التنموية والتباين في النهوض بالبنية التحتية وإبطاء تيسير الخدمات المقدمة للمواطنين، رفعت مؤسسة "الوسيط" تقريرها السنوي الجديد إلى الملك تشتكي فيه تلكؤ قطاعات وزارية من تنفيذ توصيات تهم إصلاح أعطاب إدارية. وقال عبد العزيز بنزاكور، وسيط المملكة، في تقرير برسم سنة 2016 مرفوع إلى الملك محمد السادس، إن "المؤسسة لا زالت تضطر إلى التدخل من أجل حل إشكاليات خلصت فيها من قبل إلى ما يتعين فعله، بعدما عللت بما فيه الكفابة ما اهتدت بشأنه إلى الصائب من المواقف، ارتكازا على التطبيق السليم، وكذا بما يفرضه الإعمال الحقيقي لمبادئ العدل والإنصاف؛ وهو ما يعني أن بعض الإدارات تستمر في التجاوب مع هذه المؤسسة الدستورية". واشتكى بنزاكور في تظلماته المرفوعة إلى الملك محمد السادس من عدم تفاعل قطاعات وزارية مع مراسلات رئيس الحكومة، وأورد في هذا الصدد: "ومن غريب ما تزال المؤسسة تعانيه، أن رئيس الإدارة يراسل بعض القطاعات ويهيب بها لتنزيل التوصيات، ومع ذلك يتلكأ بعضها في الاستجابة في الآجال المعقولة، وهذا يدفع إلى التأكيد بأن وتيرة التغيير داخل الإدارة بمفهومها الواسع لم تأخذ بعد السرعة المنشودة". وحمل "ديوان المظالم"، كما كان يسمى سابقاً، مسؤولية سخط المغاربة على الإدارة لهذه الممارسات السلبية "التي تجعل المواطن يرفض كل تبرير لما قد يتوقع من تعثرات أو تأخرات. فالموروث من السلبيات والواقع الحالي الذي يفرز بعض الاختلالات، يشكلان حاجزا قويا للمواطن يحول دون تسامحه مع الإدارة فيما يطرأ حتى في العفوي من الأخطاء". الداخلية "أم المشاكل" التقرير ذاته كشف أن عدد الشكايات التي تقاطرت على "الوسيط" ومندوبياتها في مختلف الجهات بلغ خلال سنة 2016 ما مجموعه 8281 شكاية، لم تمثل الشكايات التي تدخل ضمن اختصاصات المؤسسة إلا نسبة محدودة بلغت 27.6 في المائة، بما مجموعه 2286 شكاية، بزيادة في حدود 2.2 مقارنة مع سنة 2015 التي كانت قد بلغت خلالها 2236 شكاية. واستمرت وزارة الداخلية على رأس القطاعات الإدارية من حيث عدد الشكايات؛ إذ بلغت نسبتها 36.7 في المائة، مقابل 35 في المائة في السنة الماضية، وازداد عدد الشكايات بنسبة 7.3 في المائة، منتقلا من 782 إلى 839. وحلت وزارة الاقتصاد والمالية في المركز الثاني ب 396 شكاية، أي ما يمثل 17.3 في المائة من مجموع الشكايات. وفي المرتبة الثالثة جاء قطاع التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي وتكوين الأطر، بنسبة 5.1 في المائة، لكنه سجل انخفاضاَ مقارنة مع السنة الماضية، يليه قطاع الفلاحة والصيد البحري، ثم قطاع التشغيل والشؤون الاجتماعية. وأوضح التقرير أن شكايات المغاربة تتمحور حول القضايا ذات الطبيعية الإدارية التي ما تزال تحتل الرتبة الأولى، رغم انخفاض عددها هذه السنة بنسية 4.7%، ليصل إلى 1369 شكاية، أي ما يمثل 59.9% من مجموع الشكايات. وتتعلق مجملها بالأضرار الناتجة عن بعض القضايا الإدارية، ثم القضايا المتعلقة بعدم تسوية المعاشات المدنية والعسكرية، وتسوية الوضعيات الإدارية والمالية، وحالات الامتناع عن تسليم وثائق إدارية، وعدم الاستفادة من الخدمات الاجتماعية. بالإضافة إلى ذلك، رفع المغاربة شكاوى إلى مؤسسة "الوسيط" تتعلق بخروقات حقوق الإنسان، وتشمل هذه الفئة من القضايا: الأضرار الناتجة عن المساس بحرية التنقل، تلتها قضايا الاعتقال التعسفي، والاختفاء، والانتهاكات، وطلبات التعويض المادي والمعنوي، والامتناع عن تسليم بعض الوثائق الادارية. مغاربة العالم ولفت التقرير إلى أن تظلمات مغاربة العالم من بعض القرارات الإدارية عرفت ارتفاعاً ملحوظاً من حيث عدد الشكايات المقدمة، بلغت نسبته 24.7 في المائة مقارنة بالسنة الفارطة، وانتقل من 81 شكاية من أصل 2236، أي ما مثل 3.6 في المائة من إجمالي الشكايات المسجلة في 2015، إلى 101 من أصل 2286 شكاية، أي ما يمثل 4.4 في المائة من مجموع الشكايات في هذه السنة. وعلى مستوى التوزيع الجغرافي لمغاربة العالم، تصدرت الجالية الفرنسية قائمة الترتيب من حيث عدد الشكايات ب 47 شكاية، تلتها بلجيكا ب 18 شكاية، ثم هولندا ب 13 شكاية، وإسبانيا ب10 شكايات.