تعود بعض المعالم التاريخية بمدينة سيدي إلى الفترة الكولونيالية الإسبانية، وهي بنايات ذات طابع معماري إيبيري، شيدها الاستعمار الإسباني، منها البناية التي كانت مخصصة لمقر القنصلية الإسبانية، والتي تسمى "الباكادوريا"، إضافة إلى معالم أخرى مثل السينما ومبنى البلدية والكنيسة والمنارة (الفارو) وغيرها. بنايات في ملكية إسبانية بعض هذه البنايات لا تزال ملكيتها تعود إلى الدولة الإسبانية، رغم مرور ما يقرب من نصف قرن على معاهدة استقلال سيدي إفني. ويرى محمد سالم الطالبي، رئيس جمعية ماربكينيا للسياحة الثقافية بسيدي إفني، أن "الوجود الاستعماري الإسباني في سيدي إفني خلف بعضاً من آثاره على المجال العمراني، الذي تأثر بتيار "الآر ديكو"، الذي ظهر في أوربا في منتصف العقد الثالث تقريبا من القرن العشرين". وأضاف الطالبي، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن "هناك أمثلة كثيرة على ذلك في سيدي إفني، منها إحدى عشرة بناية لا تزال في ملكية الدولة الإسبانية، حيث نجد دور السينما والكاسينو، المسمى حاليا قاعة المسيرة الخضراء، وأخرى كالبلدية وغيرها". وأشار الفاعل الجمعوي إلى أن "هناك حركة لا علاقة لها بالفن نهائيا تسير في الاتجاه المعاكس تماما للحفاظ على الذاكرة العمرانية للمدينة". وزاد الباحث في تاريخ المنطقة أنه "يلاحظ إمعان البعض في تشويه ومسخ هذه البنايات، وفي أسوأ الأحوال تركها عرضة للإهمال، ولعل الخطير في الأمر أن المنتخبين كانوا في الغالب المسؤولين الرئيسيين عن هذه الجرائم في حق المعمار محليا". وأوضح أن "استقلال سيدي إفني تم بموجب اتفاقية بين الحكومة المغربية وإسبانيا حول تسليم المدينة، بتاريخ 4 يناير 1969، وقد نصت في البند الثاني من البروتوكول الملحق على أن الحكومة المغربية تقر بالملكية الكاملة للدولة الإسبانية للبنايات الإحدى عشرة، وبحق هذه الأخيرة في التصرف فيها". جهود للتأهيل والترميم بالمقابل، يقول عبد الرحمن فابيان، رئيس المجلس البلدي لسيدي إفني، إن "البلدية راسلت المصالح القنصلية الإسبانية بالمغرب أكثر من مرة، من خلال طلبات لاستغلال هذه البنايات، ولكن لا نتلقى أي رد من قبلها"، مشيراً في تصريح لهسبريس إلى أن "البناية الوحيدة التي وضعوها تحت تصرف البلدية هي بناية مهجورة كانت مخصصة للسكرتارية العامة". وأضاف المسؤول البلدي أن "بعض البنيات الأخرى تستغلها مديرية أملاك الدولة لأن لديها حق كرائها". وزد قائلا أن "البلدية قامت بمحاولة تأهيل بعض البنايات من خلال صباغة الواجهات، رغم ملكيتها للدولة الإسبانية، حفاظا على جمالية المنظر العام للمدينة". من جهته، يرى عمر حلي، رئيس جامعة ابن زهر بأكادير، أن "الجامعة تشتغل على فكرة استغلال بناية تاريخية مجاورة لسينما ابينيدا بسيدي إفني". وأضاف المسؤول الجامعي، في حديث لجريدة هسبريس الإلكترونية، أنها "فكرة مقترحة للتعاون مع وزارة الصناعة التقليدية، التي تتبع لها هذه البناية، من أجل إحداث تكوينات تهم الصناعة التقليدية والعمل التعاوني والتكافلي". وأشار المتحدث إلى أنهم "بصدد النظر في هذه الفكرة مع الوزارة الوصية، وإمكانية الدخول معها في شراكة لإعادة الحياة لهذا المكان التاريخي الجميل". وأضاف أن "البناية في حال خروج الفكرة إلى حيز الوجود، سيُعاد ترميمها وتأهيلها وستعود كما كانت من الناحية المعمارية". بعض البنايات التي خلفها الاستعمار الإسباني تم استغلالها بعد الاستقلال، وتم تحويلها إلى بنايات رسمية كمقر بلدية سيدي إفني الحالي وغيره. كما تم تحويل إحدى الكنائس الكبيرة إلى مقر للمحكمة حالياً، وأقيم في كنيسة ثانية بحي للامريم مسجد بعد ترميمه وتأهيليه. وشهدت فترة الاستعمار الإسباني تشييد منشآت مثل المطار والمنارة البحرية (الفارو) وحديقة الحيوانات والتلفيريك، الذي يعتبر من المشاريع الكبرى المنجزة في المستعمرات الإسبانية بأفريقيا، وكان يستخدم في ربط السفن التجارية القادمة من المحيط بالبر، عبر عربات لنقل البضائع والمسافرين، وينتظر بدوره إعادة التأهيل والترميم ليقوم بأدوار سياحية وتنموية.