احتضنت مدينة فرانكفورت الألمانية، مساء اليوم الثلاثاء، لقاء يختتم مسار سنتين من مشروع التكوين والتأهيل اللغوي والثقافي لأئمة مغاربة وأجانب في ولاية "هيسن" الجرمانية، برسم الموسم 2015-2017، من تنظيم مجلس الجالية المغربية المقيمة بالخارج، بشراكة مع معهد "غوته" الألماني والمجلس الأوروبي للعلماء المغاربة. وحضر الموعد ممثلون عن المؤسسات الساهرة على البرنامج طيلة الشهور ال24 الماضية، وعدد وافر من الأئمة الذين استفادوا من ورشاته التكوينية والتأهيلية، وفق برمجة تقدمتها الإشادة بسير هذه المحطة التأطيرية، قبل أن يتم تسليم شواهد التدريب للمشاركين ضمن المبادرة الأولى من نوعها، وصولا إلى حفل عشاء أقيم على شرف الحضور. عبد الله بوصوف، الأمين العام لمجلس الجالية المغربية المقيمة بالخارج، قال إن هذا التكوين يهدف إلى تزويد أئمة ولاية "هيسن" بالأدوات الثقافية واللغوية من أجل القيام بمهامهم على أحسن وجه، خاصة تأطير الشباب على الإسلام الوسطي المعتدل وفق النموذج المغربي، كما يعطيهم مهارات الاشتغال مع المجتمع والتواصل مع الأديان؛ بناءً لجسور الثقة ومدا للحوار المثمر. وأضاف بوصوف في تصريح لهسبريس: "هذا المشروع كان تجريبيا بالنسبة لنا، دام سنتين اثنتين مع شركائنا في معهد غوته والمجلس الأوروبي للعلماء المغاربة، وراهنا على نجاحه لتعميمه على الأئمة في ألمانيا وفي دول أخرى..إنه برنامج رائد يقام أول مرة في أوروبا، إذ استفاد فيه ما يزيد عن 40 إماما من تكوينات وتأهيلات لغوية وثقافية منتظمة، ومرافقة جعلتهم يحققون استيعاب مواد معرفية حول نموذج التدين المغربي؛ المبني على العقيدة الأشعرية والمذهب المالكي والتصوف السني". مشاركة أئمة ألمان من أصول غير مغربية في الورش التكويني ذاته قال بشأنها الأمين العام لمجلس الجالية المغربية المقيمة في الخارج، ضمن التصريح ذاته، إنها "تأتي لكون الملك محمد السادس أميرا للمؤمنين، وإمارة المؤمنين تخدم كل هؤلاء". واسترسل: "نأمل أن يكون هؤلاء أيضا معنا في برامج أخرى تعنى بالنموذج المغربي في التدين، لكوننا نريد التعريف به لاعتقادنا أنه نموذج صالح، له من القدرات ما يوفر إجابات على الأسئلة الكبرى المطروحة في المجتمعات الأوروبية". خالد حاجي، الكاتب العام للمجلس الأوروبي للعلماء المغاربة، اعتبر أن اللقاء المنعقد في فرانكفورت يختم مسارا سنتين من تكوين أئمة ولاية "هيسن" الألمانية الذين يعيشون، مثل نظرائهم في عموم أوروبا، وسط مجموعة من التحديات التي ترتبط بالهجرة وطبيعة العصر، حيث بيئة متعددة الثقافات لم يعد الإمام مؤطرها الديني الوحيد. وأضاف حاجي، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن مجال تدخل الأئمة يعرف تواجد "وعاظ رقميين جدد" يركبون الوعظ على طرائق مخصوصة حتى يستفيدوا ببلوغ أهدافهم السياسية والأيديولوجية؛ ثم زاد: "الأئمة يحتاجون إلى تكوينات متواصلة على مستوى اللغات، ثم إدخالهم إلى صلب الثقافات الأوروبية، حتى يتحولوا إلى وعاظ، ليس فقط للمسلمين، بل لكل من يبحث عن ردود تهم تساؤلات العصر وما يجابه المواطن به السياق الأوروبي". كما شدد الكاتب العام للمجلس الأوروبي للعلماء المغاربة على أن المؤسسة ذاتها تأمل في مزيد من التعاون خدمة لاندماج مسلمي أوروبا عموما، والمغاربة منهم خاصة، في سياق البيئة التي يعيشون وسطها، دون تضييع خصوصياتهم، وأن يكونوا عناصر فاعلة في ضمان استقرار واطمئنان وسكينة المجتمعات الأوروبية. أما عبد الصمد اليزيدي، منسق مشروع التكوين المذكور والأمين العام للمجلس الأعلى للمسلمين بألمانيا، فقال لهسبريس إن التأهيل الذي استفاد منه أئمة مساجد في ولاية "هيسن" انفتح على تمكين المستهدفين من معارف في مجالات شتّى غير المدارك الدينية الإسلامية؛ منها ما يتصل بالسياسة والتربية، مع تقوية مستوياتهم في اللغة الألمانية باعتبارها مفتاح تواصلهم بسلاسة في الوسط الذي يشهد ممارستهم مهامهم. مصطفى المرابط، المستشار في "مجلس الجالية"، شدد على أن لقاء التخرج المنعقد في فرانكفورت الألمانية يعد تتويجا لاجتماع واسع شارك فيه ما ينيف عن 100 إمام أوروبي بمدينة مراكش، ناقش أهم التحديات والمشاكل التي تواجه هذه الفئة، وابتغى منه مجلس الجالية المغربية المقيمة بالخارج، وقتها، الإصغاء إلى الأئمة الممارسين بدول أوروبية عديدة، وما يعترض تأديتهم مهامهم النبيلة؛ ووقفت المؤسسة على توصية بأهمية اللغة في التواصل مع الجيل الجديد ومجتمعات أوروبا.. وزاد المرابط، في تصريحه لهسبريس: "هذا التكوين يعد استجابة أولى لما طالب به الأئمة، شرع فيه بألمانيا في أفق التعميم على بلدان أخرى، خدمة للتعايش ومساهمة في محاربة التطرف".