نشرت وكالة "فيتش" الدولية للتصنيف الائتماني مذكرة حول عملية تحرير صرف الدرهم بالمغرب، وتوقعت الإبقاء على هذا القرار الذي سبق الإعلان عنه وتم تأجيله إلى أجل غير مسمى من قبل الحكومة والبنك المركزي بعد حدوث مضاربة في سوق العملة الأجنبية. وتوقعت الوكالة الإبقاء على هذا القرار وعدم حدوث أي تغيير في سياسة التحرير التي أعلن عنها سابقاً، خصوصاً بعد تصريحات الحكومة والسلطات المالية بالمغرب بكون قرار تحرير سعر الدرهم لا يزال قائماً. وكان سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة، قد أشار في حديث أمام صحافيين مغاربة يوم التاسع من شتنبر إلى أن "تعويم الدرهم لم يتم التراجع عنه"، مؤكداً أن القرار الأخير حول هذا الأمر يعود إلى الحكومة بعد التشاور مع البنك المركزي ومكتب الصرف. وقالت وكالة "فيتش" في مذكرتها الخاصة بالمغرب إن "أصول العملات الأجنبية لدى الأبناك بالمغرب ارتفعت ب1,6 مليار دولار ما بين 28 أبريل وسابع يوليوز من العام الجاري"، وأضافت أنها تتوقع اتساع نطاقات تعويم سعر صرف الدرهم المغربي، رغم انخفاض احتياطيات البلاد من العملة الأجنبية في الربع الثاني من 2017. كما توقعت "فيتش" أن تجري السلطات المغربية تعديلات تدريجية في إطار سعر الصرف، وإرساء أقوى للتوقعات السياسية عن طريق تعديل استراتيجية التواصل الخاصة حول هذا الموضوع. وتوسيع نطاقات تحرير سعر صرف الدرهم كان أمراً متوقعاً على نطاق واسع في نهاية يونيو، لكن تم تأجيله بعد الانخفاض السريع الذي سُجل في احتياطيات النقد الأجنبي. وأشارت "فيتش" إلى أن صافي احتياطيات المغرب الأجنبية انخفض ب14.3 في المائة بالدولار الأميركي في السابع من يوليوز مقارنة مع مستواه في نهاية أبريل، ليصل إلى 20.9 مليار دولار، وهو أدنى مستوى له منذ عامين. وكنتيجة لهذا الأمر، انخفض معدل تغطية الواردات من السلع والخدمات بالعملة الصعبة إلى ما يزيد قليلاً على خمسة أشهر في يوليوز الماضي، مقابل سبعة أشهر في نهاية 2016. واعتبرت الوكالة أن انخفاض الاحتياطات الدولية يعكس جزئياً عملية شراء العملة للتحوط قبل الإعلان عن تحرير سعر الدرهم الذي كان مقرراً نهاية يونيو الماضي؛ حيث زادت الأبناك المغربية من أصولها من العملات الأجنبية بنسبة 56 في المائة، أي ما يعادل 1,6 مليار دولار ما بين 7 و28 يوليوز. الوكالة أشارت إلى الانخفاض الحاد في قيمة الجنيه المصري بسبب التحرير الكامل والضغوط على سعر الصرف في تونس وإثارته مخاوف من انخفاض مهم في قيمة الدرهم المغربي، وأوضحت أن "احتمال الوصول إلى هذه الوضعية منخفض جداً بالنسبة لنا، لأن الجنيه المصري تمت المبالغة في قيمته إلى حد كبير، في حين إن الدرهم المغربي يقترب من قيمة توازنه". ويرتبط سعر صرف الدرهم حالياً بقيمة سلة من العملات تتكون من اليورو بنسبة 60 في المائة، ومن الدولار بنسبة 40 في المائة. وعزت الوكالة في مذكرتها حول المغرب الانخفاض في الاحتياطات الدولية أيضاً إلى زيادة التدفقات الخارجة من ميزان الأداءات، وبذلك تم استهلاك الدين بشكل كبير مقارنة مع عمليات السحب؛ وذلك بسبب التأخر في المصادقة على قانون مالية 2017 جراء تأخر تشكيل الحكومة الجديدة نتيجة "البلوكاج" الذي واجه عبد الإله بنكيران في تشكيلها والذي استمر أشهرا. وأشارت "فيتش" إلى أن السلطات المغربية تُخطط لتوسيع نطاقات تعويم سعر صرف العملة إلى +/-2.5 في المائة عوض +/-0.3 في المائة، واعتبرت أن التطبيق التدريجي لنظام التعويم الكامل ليس سوى سيناريو طويل الأجل، وتوقعت أن يظل تقلب الدرهم محدوداً في حالة تحرير سعر صرفه. وأوضحت الوكالة قائلة: "بما أن نطاقات تعويم الدرهم ستكون ضيقة نسبياً في البداية، فإن الفوائد المباشرة بالنسبة للمنافسة الخارجية والقدرة على استيعاب الصدمات الاقتصادية ستكون متواضعة"، لكنها اعتبرت أن هذه الخطوة "ستكون هامة نحو تحقيق سعر صرف أكثر مرونة يمكن أن يساعد في تعويض الصدمات الخارجية وزيادة هامش المناورة لدى بنك المغرب من أجل توجيه السياسة النقدية نحو استهداف التضخم".