يستعد عدد من النشطاء والفاعلين الجلوس مع وزراء من حكومة سعد الدين العثماني، من أجل عرض بنود رؤيتهم حول حل أزمة "حراك الريف"، بعد لقاءات جمعتهم بعدد من قادة الحراك المعتقلين في سجن "عكاشة"، ضمن خطوة تأتي بعدما كشفت الحكومة توجسها من مثل هذه المبادرات بداعي "هيبة الدولة". التحرك، الذي يقوده محمد النشناش، الناشط الحقوقي والرئيس السابق للمنظمة المغربية لحقوق الإنسان، بمعية نشطاء وفاعلين مدنيين ومثقفين آخرين ضمن "المبادرة المدنية من أجل الريف"، سيجمع ممثلين عن هذه الأخيرة بكل من وزراء "العدل" و"الداخلية" و"حقوق الإنسان"؛ فيما ينفي أولئك أن تكون خطوتهم تدخل ضمن الوساطة بين الدولة وقادة الحراك الريفي المعتقلين في سجن عين السبع1 بالدار البيضاء. وكان مصطفى الخلفي، الناطق الرسمي باسم الحكومة والوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني، قال، خلال ندوة صحافية عقب اجتماع مجلس الحكومة الأسبوعي نهاية غشت الماضي، تعليقاً على مبادرة مماثلة، قادها رجل الأعمال نور الدين عيوش، "فعلا كانت هناك مبادرات متعددة حول ملف الريف، وقام عدد منها بالاتصال بالحكومة"؛ ولكنه رفض إعطاء موقف رسمي من تحركات رجل الأعمال نفسه. وكشف مصدر حكومي، تحدث في السابق إلى هسبريس، أن "الحكومة لا يمكنها التجاوب مع مبادرة عيوش بالطريقة التي يدبرها ومجموعة من الشخصيات الحقوقية والجمعوية"، ليضيف أن "الأمر ليس بالسهولة التي يعتقد البعض، بل إن الأمر يتعلق بهيبة الدولة"، وزاد: "الملف معروض على القضاء، والحكومة سبق أن عبرت عن مواقفها من ملف الريف بصفة عامة، وذلك من خلال المبادرات التي تم اتخاذها في هذا المجال". محمد النشناش، الناطق باسم "المبادرة المدنية من أجل الريف"، عقب على تصريح المصدر الحكومي بالقول إنه موقف "غير مسؤول وغير دستوري ويزيد الطين بلة، ويظهر أنه ليس هناك رغبة ولا وعي بمصير البلد"، مضيفا أن "الدستور تكلم عن دور المجتمع المدني"، على أن المبادرة "لا تعلب دور الوساطة بل نحن قوة اقتراحية". ويرى النشناش، في تصريح لهسبريس، أن شرط الوساطة أن تكون مقبولة من الطرفين، أي الدولة وقادة الحراك؛ "فالدولة لم تحاورنا، ولم تجالسنا، ولم تكلفنا بأي مهمة"، موضحا ما يتعلق بخطوته بمعية رفاقه "نتواصل مع الوزراء لإبلاغهم صوتنا وموقفنا وما توصلنا إليه من مقترحات"، مشددا على "غياب أي طرف حكومي يستشير معنا؛ بل إن الحكومة تلتزم الصمت في هذا الجانب". وفي تصور النشناش الشخصي تجاه التجاوب مع مثل هذه المبادرات فإن "نوعا من الإحباط بدأ يدخل إلى نفوسنا"؛ لكنه يستدرك قائلا "نعتبر أننا كمجتمع مدني نمثل ضمير المجتمع، ومن واجبنا أن نقدم مقترحاتنا لما نراه من حلول التي نراه تجاه ملف الريف"، فيما تحدث عن قضية المعتقلين بالقول إن "المحاكمات يجب أن تكون في مستوى العدالة، وأن لا تعتمد المحكمة على محاضر الشرطة كحقيقة، بل أن يأخذ بها القاضي للاستئناس، ويعتمد على الحجج وما يصرح به المتهمون أمام المحكمة". ووجّه الناشط الحقوقي سهام انتقاده إلى الأحزاب السياسية التي قال إن "الله والوطن سيحاسبانها لأنها تهتم فقط بمصالحها وليس بهموم المواطنين"؛ وهو الانتقاد الذي وجهه أيضا إلى الدولة المغربية، موضحا ذلك بقوله: "نسمع كيف أن الدولة أصبحت طرفا مدنيا في المحاكمة.. وهذا خطأ، لأن الدولة لا تكون ضد مواطنيها"، وفق تعبيره. جدير بالذكر أن المبادرة المدنية من أجل الريف، التي تأسست مطلع يونيو الماضي، تضم بجانب النشناش كلا من أحمد عصيد، رئيس المرصد الأمازيغي للحقوق والحريات، وبوبكر لاركو، رئيس المنظمة المغربية لحقوق الإنسان، ومصطفى المانوزي، رئيس المركز المغربي للديمقراطية والأمن، وصلاح الوديع، رئيس حركة ضمير، وعبد السلام بوطيب، رئيس مركز الذاكرة المشتركة من أجل الديمقراطية والسلم، وخديجة المروازي، الكاتبة العامة للوسيط من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان، وآخرين.