اختار المئات من المغاربة اللجوء إلى خدمات الco-voiturage ، خلال تنقلهم نحو المدن التي سيقضون فيها عطلة عيد الأضحى؛ وذلك في وقت تشهد فيه خدمات النقل العمومي، سواء الحافلات أو القطارات، ضغطا مُتزايدا في هذه الفترة. وهو الشيء الذي يستغله المضاربون لرفع أثمنة التذاكر إلى أكثر من الضعف. وتقوم هذه الخدمة على مشاركة سيارة خاصة من قبل عديد من المواطنين لهم المسار نفسه؛ وذلك مقابل تقاسم تكاليف الرحلة فيما بينهم، والمتمثلة في المحروقات ورسوم الطريق السيار. راحة أكبر بثمن أقل.. في هذا الصدد، تقول كاميليا، وهي شابة تشتغل بأحد مراكز الاتصال بمدينة الرباط، إن "هذه الوسيلة الجديدة للتنقل تمكن مستعملها من السفر في أحسن الظروف وبأقل تكلفة ممكنة"، موضحة في تصريح لهسبريس أنه "أحيانا قد تسافر من الرباط إلى مدينة أكادير عبر سيارة جيدة، فقط بمائة درهم أو مائة وخمسين درهما على أكثر تقدير"، وبالتالي "أكيد سأختار هذه الوسيلة عوض الحافلة أو القطار، لأنني سأسافر مرتاحة". من جهته، يعبر أمين، الذي يشتغل بإحدى شركات التأمين بمدينة تمارة، عن ارتياحه لهذه "الخدمة الاجتماعية" بحسب قوله، مشددا في تصريح لهسبريس على أنها لم تمكنه فقط من تفادي مضاربات أرباب الحافلات وغلاء أثمنتها؛ بل فتحت له باب التعرف على أشخاص جدد من فئات اجتماعية مختلفة، وتبادل الخبرات والتجارب معها. مُؤنس ومُعين.. ويعلل عبد الحميد تقديمه لهذه الخدمات بكونها توفر له مؤنسا ومُعينا في السفر، خُصوصا في المسافات الطويلة التي تتطلب كمية كبيرة من المحروقات. معلقا بالقول: "أنا أشتغل بمدينة القنيطرة، ويجب أن أقضي العيد رفقة أسرتي بمدينة زاكورة؛ وهو ما يتطلب مني قطع أكثر من 730 كيلومترا، أي من عشر ساعات إلى اثنتي عشرة ساعة من السفر". وأوضح عبد الحميد أن هذا السفر يكلفه أكثر من 1200 درهم ذهابا وإيابا إذا سافر لوحده بسيارته، أما إن اختار وسيلة نقل عمومية فستكلفه على الأقل 400 درهم في الفترات العادية التي لا تعرف مضاربات في الأثمنة، على حد قوله. وأكد المتحدث أن تقاسم سيارته رفقة أربعة أشخاص آخرين يوفر عليه حوالي 900 درهم، لتكون الكلفة ذهابا وإيابا لكل شخص هي حوالي 250 درهما، أي أرخص بحوالي النصف، "دون الحديث عن كون هؤلاء الأشخاص سيشكلون رفقة تؤنس طريقك الطويل وستسليك خلال سفرك، وفي بعض الأحيان قد نتناوب على السياقة"، يردف المتحدث. الفيسبوك نقطة للانطلاق.. وتنتشر مجموعة من الإعلانات على مواقع التواصل الاجتماعي، يكشف أصحابها عن مسارات سفرهم، ويقومون بدعوة من لهم المسار نفسه إلى الالتحاق بهم وتقاسم سياراتهم معهم؛ وذلك في خطوة لخلق بدائل تخفف الضغط والازدحام بمحطات النقل العمومي، كما تخلق متنفسا للمواطنين للهروب من ارتفاع أسعار النقل العمومي خلال هذه الفترات من كل سنة. ومع الإقبال المتزايد على هذه الخدمة، قام البعض بإنشاء مجموعات متخصصة على الفيسبوك، والتي تضم عشرات الآلاف من هواة هذا النوع من وسائل النقل، وهي مجموعات متخصصة في نشر إعلانات عروض ال co-voiturage أو طلباتها. في حين يحرص الأعضاء والمشرفون على هذه المجموعات على نشر بروفايلات أحسن السائقين بغرض تشجيع البقية على السفر رفقتهم؛ وذلك مقابل التحري لكشف المتلاعبين وغير الجادين في تقديم هذه الخدمة. من جهة ثانية، ظهرت بعض المواقع والتطبيقات الإلكترونية المتخصصة في هذا النوع من الرحلات، والتي تطمح إلى تقديم هذه الخدمة بشكل أكثر وضوح، سواء من حيث هويات السائقين والمسافرين، وأيضا توحيد الأثمنة والحيلولة دون التلاعب بها. اكتظاظ ومُضاربات.. من جهة ثانية، يشتكي المواطنون المغاربة، في كل عيد فطر أو عيد أضحى، الاكتظاظ الكبير على مستوى محطات القطار والمحطات الطرقية بمختلف المدن المغربية نتيجة الإقبال الكبير للمواطنين على السفر لقضاء هذه المناسبات مع أهلهم؛ وهو الشيء الذي يستغله بعض المضاربين للرفع من أثمنة التذاكر. وفي السياق نفسه كشفت الوزارة المنتدبة لدى رئيس الحكومة المكلفة بالشؤون العامة والحكامة، من خلال بلاغ صادر عنها، أن مراقبين محليين تابعين للجنة مركزية رصدوا مخالفات تتعلق بالزيادة في أسعار تذاكر السفر على متن الحافلات، بشكل غير مبرر. وكشفت الوزارة أنه "تزامنا مع مناسبة عيد الأضحى المبارك، ومن أجل مراقبة الأسعار ومحاربة الغش، تم تعيين لجنة مركزية مكونة من وزارة الداخلية، والوزارة المنتدبة لدى رئيس الحكومة المكلفة بالشؤون العامة والحكامة، وكتابة الدولة المكلفة بالنقل، أنيطت لها مهمة القيام بزيارات ميدانية مفاجئة قصد مراقبة أسعار تذاكر النقل الطرقي بين المدن". وأوضح البلاغ أن "اللجنة قامت بزيارة المحطتين الطرقيتين القامرة بالرباط وأولاد زيان بالدار البيضاء، قبل العيد، ضبط خلالها المراقبون مخالفات تتعلق بالزيادة غير المبررة في أسعار التذاكر. وحرصا على تطبيق القانون، تم تحرير محاضر في حق المخالفين، وإحالتها على القضاء قصد اتخاذ الاجراءات القانونية اللازمة"، على حد تعبير البلاغ.