في عز فصل الصيف الذي ترتفع فيه درجات الحرارة ويزداد الطلب على الماء الصالح للشرب، تعيش عدة مراكز قروية انقطاعاً متكرراً للماء، كما حدث في الأيام الماضية بقرية الزراردة نواحي مدينة تازة. وأعلنت الجماعة القروية أن الانقطاعات المتكررة في التزود بالماء سببها انخفاض مفاجئ في الفرشة المائية نتيجة قلة التساقطات والارتفاع الكبير لدرجات الحرارة. أمام هذا الوضع، لم تتوقف شرفات أفيلال، كاتبة الدولة المكلفة بالماء، عن زيارة عدد من المناطق في مختلف جهات المغرب للوقوف على وضعية التزود بالماء الصالح للشرب. مقابل ذلك، خرج سكان عدد من القرى عبر ربوع الوطن في تظاهرات احتجاجية طلباً للماء. وبحسب المعلومات التي استقتها هسبريس من لدن كتابة الدولة المكلفة بقطاع الماء، فإن المناطق التي تعرف اضطرابات متفاوتة في التزويد بالماء الصالح للشرب، خصوصاً في فترات الصيف، تبلغ حوالي 37 مركزاً، من بين 681 مدينة ومركزاً يتدخل بها المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب. وتتخذ الوزارة مجموعة من التدابير الآنية، وأخرى على المستويين المتوسط والبعيد، في المراكز التي يتدخل فيها المكتب، من أجل القضاء على العجز قبل نهاية سنة 2017 بالنسبة لثمانية مراكز، وقبل صيف 2018 بالنسبة ل 13 مركزاً، ومثلها بعد صيف 2018، لتتبقى بعد ذلك ثلاثة مراكز فقط تعرف العجز في الماء. وبحكم الموقع الجغرافي للمغرب، تتسم موارده المائية بالمحدودية، وبتباين توزيعها في الزمان والمكان، ويتفاقم الوضع، كما هو الحال في عدد كبير من البلدان، بفعل تأثير التغيرات المناخية. وقد انتهج المغرب منذ الاستقلال سياسية وطنية مائية تميزت بالاستباقية؛ وذلك عبر تعبئة الموارد المائية السطحية وتخزينها على مستوى السدود الكبرى، فضلاً عن السعي نحو ضمان التوزيع المجالي بتحويل المياه من مناطق الوفرة إلى مناطق الخصاص، بالإضافة إلى تعبئة الموارد الجوفية بتجهيز الآبار والأثقاب. ويتوفر المغرب حالياً على 140 سداً كبيراً، بالإضافة إلى 13 منشأة للتحويل، زيادة على آلاف الآبار والأثقاب. وساهمت هذه البنيات التحتية في ضمان الأمن المائي في الوسط الحضري بنسبة ولوج 100 في المائة. أما بالوسط القروي، فتشير كتابة الدولة المكلفة بالماء إلى أن هناك "مجهودات جبارة بُذلت". في الوسط القروي انتقلت نسبة الولوج إلى الماء من 14 في المائة سنة 1996، إلى 96 في المائة حالياً. وانتقل الاستثمار السنوي في هذا المجال من 200 مليون درهم إلى أكثر من مليار درهم سنوياً، الأمر الذي أثر على مُؤشرات التنمية الاجتماعية والبشرية بهذا الوسط. لكن رغم هذه الأرقام، لا تزال هناك مناطق تعرف اضطرابات متفاوتة في التزويد بالماء الصالح للشرب، خصوصاً في فترات الصيف، ناتجة عن انخفاض القدرة الإنتاجية لبعض مصادر التزويد وانخفاض الضغط في شبكة التوزيع نتيجة ارتفاع الطلب، إضافة إلى العجز المسجل في التساقطات المطرية في هذا الموسم. ولتدارك هذا العجز، تقوم مصالح كتابة الدولة المكلفة بالماء، بتنسيق مع مصالح وزارة الداخلية ومصالح المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب، باتخاذ مجموعة من التدابير الآنية والمستعجلة. من ضمن هذه التدابير الآنية التكثيف من اللجوء إلى المياه الجوفية عبر حفر الآبار الاستكشافية والاستغلالية وإنشاء خزانات المياه، والإسراع في إنجاز أشغال تزويد القرى اعتماداً على الربط بواسطة قنوات الجر الجهوية، التي تمكن في الوقت نفسه من تزويد الحواضر والمدن انطلاقاً من السدود المجاورة، كلما سمحت الدراسات التقنية بذلك.