يتجه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى فرض مزيد من القيود على المهاجرين الأجانب الراغبين في الاستقرار بالولاياتالمتحدةالأمريكية. آخر بوادر هذا التوجه ظهرت معالمها الأسبوع الماضي، عندما عبّر الرئيس الأمريكي الجديد عن دعمه لمشروع قانون يلغي نهائيا القرعة العشوائية السنوية، ويعوّضها بنظام جديد للاستحقاق. المشروع الجديد يأتي في سياق مكافحة الإدارة الأمريكيةالجديدة لتدفق المهاجرين، واكتفائها باستقبال العمال والحرفيين ذوي الخبرة، الذين بإمكانهم، حسب ترامب، المساهمة في تطوير الاقتصاد الأمريكي، وعدم خلق منافسة كبيرة بالنسبة إلى المواطنين الأمريكيين في سن العمل. صحيفة "نيويورك تايمز" أفادت بأن هذا التوجه يتعلق بمخطط يسعى إلى تقليص الهجرة القانونية إلى حدود النصف خلال العشر سنوات المقبلة، إضافة إلى وضعه عقبات كبيرة أمام المواطنين الأمريكيين والمقيمين ببلاد العم سام بشكل شرعي، الذين يريدون إحضار أفراد أسرهم للعيش داخل أمريكا. وستكون الأطر الأجنبية ما بين 26 و31 سنة، حسب الإجراءات الجديدة، الأوفر حظا إلى جانب الحاصلين على ميداليات أولمبية في الحصول على "الغرين كارد"، وستوفر الحكومة الأمريكية 140 ألف تأشيرة في هذا الإطار؛ لكنها في المقابل ستعتمد نظاما صارما للاستحقاق. هذا النظام الجديد سيعتمد على تقييم الأشخاص الراغبين في الاستقرار بالولاياتالمتحدةالأمريكية، ويبدأ سلم التنقيط بالسن، بحيث يحصل الأشخاص ما بين 18 و21 سنة على 6 نقاط، و8 نقاط للمتراوحة أعمارهم بين 22 و25 سنة، و10 نقاط للأشخاص ما بين 26 و30، ليبدأ التنقيط في التراجع مجددا للأشخاص الأكثر سنا، إلى أن يصل ل0 نقطة بالنسبة إلى القاصرين والأشخاص البالغين أزيد من 50 سنة. إلى جانب ذلك، يتم منح المترشحين نقطا حول مستواهم الدراسي والشهادات المتحصل عليها، بحيث تصبح الحظوظ أكبر بالنسبة إلى الحاصلين على شهادات أكثر، كما يتم تقييم المترشحين استنادا إلى مستواهم في اللغة الإنجليزية؛ وهو الشرط الذي لم يكن يشكل أي عائق بالنسبة إلى المترشحين المغاربة غير المتحدثين بالإنجليزية في وقت سابق. وعن مدى تأثير هذا القرار على المواطنين المغاربة الراغبين في العمل بالولاياتالمتحدةالأمريكية في حالة دخوله حيز التنفيذ، يرى محمد شتاتو، الأستاذ المهتم بالعلاقات المغربية الأمريكية، أن الانعكاس على هذه الفئة "سيكون سلبيا بدون شك"، لافتا إلى أن فلسفة إحداث هذه القرعة في البداية "كانت تقوم على تنويع التركيبة البشرية بالولاياتالمتحدةالأمريكية، على اعتبار أن الأمريكيين اللاتينيين يستقرون بأمريكا أكثر من مواطني باقي الدول، وعلى رأسها الدول العربية". وأضاف شتاتو أن هذه التأشيرة فتحت الباب للعديد من الجنسيات، ومن بينها المغاربة، للانصهار في المجتمع الأمريكي، مبرزا أن محاولة إلغائها "تدخل في إطار سياسة ترامب المعادية للهجرة والمهاجرين والعرب والمسلمين بصفة عامة"، على حد تعبيره. في المقابل، سجّل الباحث ذاته أن هذا الإلغاء يعد خسارة للولايات المتحدة بدورها، "على اعتبار أن الجالية المغربية هناك، تكاثرت في السنوات الأخيرة، وأصبحت توجد بشكل كبير في المدن الكبرى، وتلعب دورا أساسيا في تطوير الاقتصاد الأمريكي، وتقوية العلاقات المغربية الأمريكية". من جهته، اعتبر سمير بنيس، المستشار الدبلوماسي، أن الخطة الجديدة، التي اقترحها عضوان في مجلس الشيوخ عن ولايتي أريزونا وجورجيا و"التي ينوي الرئيس الأمريكي تمريرها، تسعى إلى إرساء نظام هجرة أكثر صرامة قد يصعب مأمورية الملايين من المرشحين للهجرة من مختلف البلدان، خاصةً البلدان غير الناطقة باللغة الإنجليزية، وعلى رأسها المغرب". ففي حال تم اعتماد هذا القانون، فسيكون المغاربة من بين المتضررين منه، حسب بنيس؛ وذلك "لأنهم من بين المستفيدين من القرعة السنوية، التي تمكن ما بين 3 آلاف و5 آلاف مغربي كل عام من الحصول على بطاقة الإقامة الدائمة في هذا البلد. ومن المعلوم أن بين المغاربة الذين استفادوا من هذا البرنامج هناك نسبة مهمة غير حاصلة على شواهد عليا ولا تتقن التحدث بالإنجليزية". وأضاف بنيس أن "هذه الطبقة من المهاجرين، الذين يعملون في مهن لا تتطلب التوفر على مهارات عالية، هي المستهدفة في القانون الذي يسعى الرئيس الأمريكي إلى تمريره؛ فالإدارة الأمريكيةالجديدة توجد تحت تأثير تيار محافظ يؤمن إيماناً راسخاً بأن أي مهاجر جديد يدخل الولاياتالمتحدةالأمريكية يتسبب في ضياع منصب شغل جديد". ويشرح الخبير في الشأن الأمريكي أن "عراب هذا التيار وهذه الخطة الجديدة هو جيف سيشنز، عضو الكونغرس السابق ووزير العدل الحالي، الذي ألّف عام 2015 "دليل الهجرة للأغلبية الجمهورية الجديدة"، دعا فيه الحزب الجمهوري إلى تبني خطة عمل تهدف إلى الحد من الهجرة القانونية". وتابع بالقول: "ينبني هذا الدليل على ادعاء مفاده أن الهجرة القانونية، وخاصة المهاجريين الذين لا يتوفرون على مهارات عالية، تتسبب في ركود أجور العمال وفي تفشي ظاهرة البطالة.. وللحد من هجرة هذه الطبقة من المهاجرين، ستفرض الخطة الجديدة إلزامية إتقان اللغة الإنجليزية بالنسبة إلى أي مرشح للحصول على بطاقة الإقامة. وبالتالي، فإن المغاربة سيكونون من بين أول المتضررين من هذا القانون". أما السبب الثاني الذي سيضر المغاربة على غرار باقي الجنسيات الأخرى، يورد بنيس، فهي القيود التي سيتم فرضها على نظام التجمع العائلي، مبرزا أن "نظام الهجرة الحالي يمنح حاملي الجنسية الأمريكية الحق في تمكين أفراد عائلتهم من الحصول على البطاقة الخضراء، بمن في ذلك آباؤهم وأبناؤهم وإخوتهم"، وفي مقابل ذلك، "ستجعل الخطة قيد النقاش هذا الحق منحصراً على الأزواج والأبناء القاصرين، وبالتالي، فلن يحق للمغاربة الحاصلين على الجنسية الأمريكية تمكين جزء مهم من أقاربهم من الحصول على بطاقة الإقامة".