كشفت المنظمة الحقوقية "هيومن رايتس ووتش" الوجه الآخر لطريقة تعامل السلطات الإسبانية مع المهاجرين غير النظاميين القادمين في أغلب الأوقات عن طريق المغرب، في محاولة منهم للوصول إلى أوروبا، مبرزة أن هؤلاء يتم احتجازهم في ظروف مزرية، ويتم وضع عقبات أمام طلبات اللجوء التي يتقدم بها عدد منهم. المنظمة الحقوقية عمّمت تقريرا يفيد بأن المهاجرين غير النظاميين وطالبي اللجوء يتم احتجازهم لأيام في زنازين مظلمة وشديدة الرطوبة بأقسام الشرطة، قبل أن يتم تحويلهم إلى مراكز للإيواء تحت تدابير الهجرة طويلة الأمد، في أفق ترحيلهم إلى بلدانهم الأصلية، وهي العملية التي اعتبرتها المنظمة الحقوقية قد لا تتم أبدا. وأضافت "هيومن رايتس ووتش" أن المهاجرين غير النظاميين الذين يصلون إلى الحدود الإسبانية عن طريق "قوارب الموت" يحتجزون جميعا، في الغالب، لمدة تصل إلى 72 ساعة في مقرات الشرطة قصد تحديد هوياتهم ومعالجتها، ثم ترسل غالبية الرجال والنساء البالغين إلى مركز احتجاز المهاجرين لمدة أقصاها 60 يوما، في انتظار الترحيل، مسجّلة أنه "إذا تعذرت عملية الترحيل، يتم الإفراج عنهم، ولكن ليس لهم أي حق قانوني في البقاء، وهم ملزمون بمغادرة البلد". وفي الوقت الذي ذكّرت فيه بارتفاع أعداد المهاجرين غير النظاميين القادمين من شمال إفريقيا إلى إسبانيا، أفادت المنظمة الحقوقية الدولية بأن "معظم القوارب تنطلق من السواحل المغربية ليلا، وقد تصل المدة التي تظل فيها في عرض البحر إلى 24 ساعة أو أكثر، قبل أن يتم إنقاذ أفرادها من طرف خفر السواحل الإسبانية". وزاد المصدر ذاته، في وصف معاناة الباحثين عن الوصول إلى الضفة الأخرى، أن بعضهم يستعمل في هذه العملية قوارب مطاطية مزودة بمحركات جانبية، إلى جانب استعمال البعض الآخر لقوارب تشبه لعب الأطفال، قد تسمح بحمل 7 أو 8 أشخاص ولا تتوفر على محرك. في مقابل ذلك، يتوفر بعض المهاجرين على سترة نجاة لتجنيب أنفسهم من خطر الغرق، إلا أن العديد منهم، ممن لا يستطيعون توفيرها، يستعملون عجلات الدراجات النارية. ونقلت المنظمة الحقوقية تصريحا لأدولفو سيرانو، رئيس جهاز الإنقاذ البحري في الجزيرة الخضراء، قال فيه إن منطقة البحث والإنقاذ تمتد على طول الساحل المغربي. وأبرزت "هيومن رايتس ووتش" أن السلطات الإسبانية تعتمد على المغرب للقيام بدوريات على سواحله واعتراض أو إنقاذ القوارب داخل المياه الإقليمية المغربية. وأضافت أن سياسة جهاز الإنقاذ الإسباني هي تبادل أي معلومات استخباراتية مع نظيره المغربي للتدخل في المياه المغربية في حالة توقع وقوع خسائر وشيكة في الأرواح. ونقلت المنظمة ذاتها تصريحا للكولونيل أونطونيو سييراس، رئيس الحرس المدني في ثغر مليلية، كشفت فيه أن قوارب المهاجرين السريين دخلت المناطق الخاضعة للتواجد الإسباني مرة واحدة فقط بوصولها مينائي سبتة ومليلية. وشددت "هيومن رايتس ووتش"، بعد زيارة إلى عدد من المؤسسات الإسبانية ذات الصلة، أن الظروف في مرافق الشرطة في موتريل، وآلمرية، وملقا، تبقى دون المستوى المطلوب، مبرزة أن المرافق في موتريل وآلمرية تتوفر على زنزانات كبيرة ضعيفة الإضاءة مع أسرّة رقيقة موضوعة على الأرض، في حين إن مراكز شرطة ملقا تتوفر على سجن تحت الأرض لا يدخله الضوء الطبيعي ولا يتوفر على منافذ التهوية.