منذ اندلاع الأزمة الخليجية /الخليجية، كانت وزارات الخارجية التابعة للطرفين المتخاصمين معا هي التي تخاطب الشعوب والرأي العام الدولي ومن يدور في فلكهما من دبلوماسيين وسفراء، وأحيانا بعض مشايخ الدين.. لكن نهاية الأسبوع الذي نودعه لم ترد أن تنتهي دون أن تزود الملاحظ والمتتبع والمهتم بهذه الأزمة، التي طفت على السطح في الأسبوع الأول من شهر الغفران رمضان الكريم المنصرم، بالجديد. وتمثّل هذا الجديد في الخطاب الذي وجّهه الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير قطر، إلى الشعب القطري ومن ورائه إلى كل شعوب الدول الذي فرضت عليه الحصار، لا سيما المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ومملكة البحرين. وفي قراءة متأنية لهذا الخطاب الأول للأمير القطري، والذي جاء بعد 50 يوما من اندلاع الأزمة الخليجية بين الأشقاء في خليجنا العربي، نلاحظ ما يلي: 1/ لغة الخطاب حتى وإن كانت صارمة وحازمة فهي لا تحمل أي تهديد للأشقاء الذين فرضوا الحصار على شعب قطر؛ 2/ الخطاب حمل الكثير من العتاب واللوم للأشقاء، وهو لوم وعتاب بطعم المرارة؛ 3/ هناك شكر وتنويه بكل الذين وقفوا إلى جانب قطر ومدوا إليها يد العون وجسر التعاون؛ 4/ خرجت الكلمة الأميرية باستنتاجات وخلاصات كانت نتيجة وناتجة عن الحصار، أهمها أن هذه الأزمة جعلت قطر تنتبه إلى ضرورة التوجه نحو الصناعات الهندسية والغذائية... مع ضرورة البحث عن كل السبل الكفيلة والتي من شأنها خلق اكتفاء ذاتي في كل حاجيات واحتياجات قطر والمقيمين فوق أرض قطر.. وإن أهم ما حمله الخطاب من وجهة نظر المتتبعين هو الدعوة إلى فتح الحوار بين قطر وبين الدول المحاصرة... دعوة لم تحمل شروطا بالبتة، باستثناء شرط واحد؛ وهو: احترام سيادة قطر، وبعد ذلك ترك الباب مفتوحا أمام أي شيء آخر.. فهل طلب الأمير القطري الشيخ تميم بن حمد آل ثاني الكثير؟ لا نعتقد، لأنّ احترام سيادة البلد شرط أساسي وواقعي يحتمي بالقوانين، ومرجعيته هي الاتفاقيات الدولية التي تجعل من احترام سيادة الدول أحد أساسياتها التي لا محيد عنها. وتزامنا مع هذا الخطاب، أعلنت السعودية فتح حدودها الجوية (فقط) في وجه الحجاج والمعتمرين القطريين، كما قللت وسائل الإعلام السعودية والإماراتية من حدة الاتهامات الموجهة إلى قطر. خطاب قويّ يحمل دعوة إلى الحوار من هذا الجانب، وفتح الحدود الجوية من ذلك الجانب، وتواصل وساطة الكويت، وازدياد عدد الدول الغربية الداعية إلى فك الحصار عن قطر والجلوس إلى طاولة الحوار بين الطرفين.. فهل نحن أمام بداية انفراج للأزمة الخليجية / الخليجية؟ ذلك هو المنى والرجاء بالنسبة إلى كل الشعوب العربية التواقة إلى وحدة عربية قوية وقادرة على مواجهة عدو واحد، يزداد غطرسة كلما ازددنا تفرقة: إسرائيل.. ولنا ما يحدث من منع للصلاة في القدس عبرة.. فهل سنعتبر؟! الأيام المقبلة كفيلة بالجواب.
