كشفت مصادر مطلعة أن المصالح الأمنية المكلفة بالتحقيق في التلاعبات بالهبات الملكية، المقدمة لبعض الفئات المحتاجة، قامت بجرد الممتلكات والأرصدة المصرفية للمتهمين ال 21 في هذه القضية، وتبين لها بأنها "تفوق بكثير ما قد يوفرونه من خلال رواتبهم الشهرية". وأكدت المصادر ذاتها، أن هذه الممتلكات، التي أماطت عنها اللثام عملية الجرد، تحققت من خلال "عمليات تزوير وثائق رسمية وإدارية واستعمالها والارتشاء التي كانت تقوم به هذه الشبكة"، مبرزة أن "التحريات انطلقت بناء على تقرير للمديرية العامة للدراسات والمستندات"، المعروفة اختصارًا باسم "لادجيد". "" ومن بين المتهمين في هذه الشبكة، التي من المنتظر أن يباشر قاضي التحقيق بمحمكة الاستئناف في سلا (قرب العاصمة الإدارية) الاستماع إلى أقوالهم ابتدائيًا، بداية هذا الأسبوع، قائد سابق وستة من رجال الأمن، وثلاثة أعوان سلطة، وموظفين من وزارة الداخلية، من بينهم امرأة ومدير شركة. ورجحت المصادر ذاتها أن تكون المتهمة (فاطمة. ت)، وهي المرأة الوحيدة داخل الشبكة، كانت تؤدي دور الوسيط في هذه العمليات، موضحة أن "الموظفين في وزارة الداخلية يشغلون مناصب مهمة في أقسام تهتم بالجوانب الاجتماعية، في حين تتوزع رتب رجال الأمن بين ضباط عاديين وممتازين". ووجهت النيابة العامة للأظناء، الذين أحيلوا عليها نهاية الأسبوع من قبل الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، تهم "تكوين عصابة إجرامية متخصصة في النصب والاحتيال، وتزوير وثائق رسمية وإدارية واستعمالها وانتحال هويات، والإرشاء والارتشاء واستغلال النفوذ، وإفشاء السر المهني وعدم التبليغ والمشاركة". وسبق لوزارة الداخلية أن أعلنت، أنه بتعليمات من الملك محمد السادس، فتحت مصالح الأمن الوطني أخيرًا، تحقيقًا أسفر عن تفكيك شبكة متخصصة في تزوير وتقديم شيكات ذات طبيعة اجتماعية. وأضاف المصدر ذاته أن مختلف جوانب التحقيق كشفت أن هذه العناصر نفسها قد تكون استفادت من تواطؤات داخل بعض المصالح الإدارية. وكان هؤلاء الأشخاص، الموجدين في عدة مدن كبرى بالمملكة، يستغلون تنقلات الملك لتنفيذ عملياتهم. ومكنتهم التواطؤات، التي كانوا يستفدون منها، من إيصال شيكاتهم استنادا إلى وثائق مزورة ومعلومات ملفقة. ورجحت مصادر متطابقة، أن تكون لنتائج التحريات علاقة بالحركة الانتقالية الجزئية التي أعلنت عنها وزارة الداخلية، أمس السبت في صفوف رجال السلطة، والتي جرى من خلال التشطيب على 11 رجل سلطة بعد أن ثبت إخلالهم بواجباتهم المهنية، في حين جرت ترقية 6 من درجة باشا (رئيس دائرة أو رئيس منطقة) إلى درجة كاتب عام، و32 من درجة قائد إلى باشا (رئيس دائرة أو رئيس منطقة)، كما ألحق 35 رجل سلطة موقتًا بالمصالح الإدارية الإقليمية أو المركزية. وأكدت الوزارة، في بلاغ لها، أنها عملت من خلال هذه الحركة على تطعيم الإدارة الترابية بمختلف الوحدات الإدارية للمملكة بالأطر الجديدة المتخرجة، خلال شهر يوليوز من السنة الجارية، من المعهد الملكي للإدارة الترابية، مبرزة أن الأمر يتعلق بالفوج42 للسلك العادي لرجال السلطة والبالغ عددهم 93 خريجا، وذلك رغبة في تزويد الإدارة بالموارد والكفاءات البشرية المؤهلة بهدف تغطية مجموع الوحدات الإدارية على مستوى التراب الوطني. وذكرت أن هذه الخطوة تروم تفعيل دور الإدارة الترابية للمغرب، وخلق دينامية جديدة تساير التطورات التي تعرفها ربوع المملكة في العديد من المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية. وبموجب هذه الحركة، ألحق 35 رجل سلطة موقتًا بالمصالح الإدارية الإقليمية أو المركزية، كما جرى خلال هذه العملية اتخاذ بعض الإجراءات التأديبية في حق عدد من رجال السلطة الذين ثبت إخلالهم بواجباتهم المهني.