مرت مائة يوم الأولى من عمر حكومة سعد الدين العُثماني وسط تساؤلات عن إنجازاتها الحقوقية والسياسية، خصوصا أنها تشكلت بعد ستة أشهر من "البلوكاج"؛ وهو ما أثر على حياة المغاربة، وأنتج العديد من الحركات الاحتجاجية، وفِي مقدمتها حراك الريف الذي مازال مستمرا. وفِي وقت تسجل العديد من الأصوات أن حصيلة الحكومة كانت مخيبة للآمال سياسيا وحقوقيا، وخصوصا بعدما شهدته منطقة الحسمية من تدخلات أمنية عنيفة، وكذا مواجهة الوقفات السلمية بكثير من "العصا"، غير المبررة، تدافع الحكومة عن حصيلتها التي تعد استمرارا لما سبق للحكومة السابقة أن بدأته. عتيق السعيد، الباحث في القانون العام والعلوم السياسية، والمحلل السياسي، يرى في تصريح لهسبريس أن أي تقييم موضوعي ومنصف للتدبير الحكومي لمائة يوم على تنصيب الحكومة يتطلب تقييما دقيقا واستشرافًا عميقا، مشددا على أهمية "عرض ما تحقق على أرض الواقع من إنجازات، ثم رصد الإخفاقات والصعوبات انطلاقا من الالتزامات والوعود التي قدمتها الحكومة في برنامجها الحالي، في ظل التحولات الاجتماعية التي تعرفها الدولة". وبعدما عين الملك محمد السادس سعد الدين العثماني مكلفا بتشكيل الحكومة الجديدة، نجح رئيس الحكومة المعين في فك عقدة تشكيل الحكومة المغربية خلال أسبوع واحد، وهو ما اعتبره السعيد خروجا من "حالة الجمود والإخفاقات طيلة خمسة أشهر"، موردا أن "الحكومة قدمت برنامجا تعاقديا يتمحور حول تفعيل الحكامة في شتى المجالات وفق مقاربة تشاركية بين جميع الفاعلين، وفي الوقت نفسه توجهات أساسية للسياسة الحكومية في مختلف مجالات التدبير الحكومي سياسيا وحقوقيا". وعلى المستوى السياسي، يعتبر الباحث في العلوم السياسية أن العنوان الأكبر هو "الإصلاح في ظل ترسيخ التحول الديمقراطي المقترن بدستور 2011"، مبرزا أن "الفترة المعنية بتقييم المشاريع الحكومية هي السنة الأولى للعمل الحكومي بما يعادل خمس الزمن الحكومي في كل مرحلة". وفِي هذا الصدد قال المتحدث ذاته: "بعد مرور مائة يوم من عمر حكومة العثماني نلاحظ بشكل شبه ملموس غياب الرؤية الإستراتجية للأحزاب المشكلة للحكومة"، مسجلا أن "المشروع الحكومي جاء بالأساس للإجابة على إشكاليات ظرفية واستعجالية، على رأسها مواجهة الأزمات وتداعياتها الاجتماعية، كما أتى كحل آني لتداعيات التحولات الاجتماعية والاقتصادية". وسجل السعيد أن المشهد السياسي المغربي يعاني من ضبابية وعدم الحسم في ملفات كانت عالقة منذ الحكومة السابقة"، منبها إلى "البطء المسجل في وتيرة اشتغال الحكومة وضعف في أدائها طيلة هاته الشهور نتيجة ظروف وطبيعة وسياق تشكيل الحكومة الحالي". وبعدما سجل السعيد أن هناك "حالة من الارتباك العميق بخصوص تقديم وصفة سياسية للخروج من التعثرات الاجتماعية التي شكلت نواة الإصلاحات السياسية"، أوضح أن "حزب العدالة والتنمية أحسن استثمار السياق الذي تعرفه الساحة الوطنية والإقليمية من الإيديولوجية، ونجح في كشف مكامن القصور لدى الأحزاب السياسية في مجال الانتخاب والتأثير في الزمن السياسي الذي أفرزه الحراك الاجتماعي والسياسي بالمغرب". وفِي مقابل تأكيد السعيد أن الحزب الذي يقود الحكومة أمامه تحديات كبيرة لتحقيق مطالب وتطلعات المواطن، وبالتالي فالمدة الزمنية الحالية هي بداية وجب على الحكومة الحالية استغلالها من أجل إعطاء تصور واضح يسرع ومريح للوضعية الحالية، نبه بخصوص المستوى الحقوقي إلى اتساع نشاط الحركات الحقوقية، الذي أسفر عن تحقيق بعض الخطوات الإيجابية في مجال حقوق الإنسان. وفِي هذا الاتجاه أكد المحلل السياسي المذكور على ضرورة "تفعيل مقتضيات دستور 2011 التي جعلت المغرب يتشبث بحقوق الإنسان كما هي متعارف عليها عالميا"، مؤكدا أَن "الحقل الحقوقي يعيش فترة حساسة مرتبطة بسقف المطالب الاجتماعية، ما يجعله مطالبا بتفعيل النصوص القانونية المرتبطة بالحريات الفردية والجماعية".