بينما كنت مارا ببهو "بلاتسو نووفو"، النواة الثانية لجامعة تورينو، استوقفني شاب إيطالي، كما يظهر. ملبسه غير جذاب؛ يبدو على شكله ملامح من حركة "المناضلين الفوضويين". سلمني منشورا بالأبيض والأسود (الهوية البصرية لمطبوعات الفوضويين)، يشبه تصميمه باقي إعلانات التضامن مع الشعب الفلسطيني، التي تعودت قراءتها. كنت سأرمي بالمنشور في الحين، بسبب الكم الهائل من الإعلانات التي أتسلمها يوميا في مركز المدينة. وكما هي العادة أحيانا، نظرت إلى ذيل اﻹعلان، وقد وسمه رسم لنساء مناضلات، يجاوره زمان ومكان النشاط المعلن. حسبت المطبوع للوهلة الأولى ترويجا لتظاهرة تضامنية مع فلسطين. وفي هنيهة رفعت بصري نحو مقدمة ديباجة الإعلان، فشدتني جملة "دعما لنضالات المغاربة، نساء ورجالا". ثم قرأت العنوان: "حراك تورينو"؛ حينها عاودت قراءة المنشور بالترتيب التالي: "دعما لنضالات المغاربة، نساء ورجالا، ندعوكم جميعا للنقاش حول الأحداث القائمة بالريف المغربي، يوم الأحد 9 يوليوز على الساعة 18:30 في فينيكس (الحدائق الملكية، زاوية روسيني)". رجعت الخطى وراء بعدما كنت قد تقدمت نحو شرفة الجامعة. بحثت عن الشاب الذي سلمني المنشور، لأتبادل معه أطراف الحديث، لكن كما نقول بالمغربية "سرطاتو/بلعاتو الأرض". توقفت عن البحث في مدخل الجامعة، هناك شدت عيني فتاة شقراء تمعن النظر في منشور الحراك من وراء نظارتيها السوداوين. إشارة هامة: بعدما انتهيت من كتابة ما سبق ذكره، وجدت نصا آخر في الصفحة الثانية للمنشور، زينه رسم أمازيغي ممتد على طول الصفحة التي تشرح الحراك ودور النساء فيه على الخصوص (الحرائر كما يقول الزفزافي)، وكيف أنهن أصبحن صوتا لنساء المغرب. وينوه الخطاب بالفنانة سيليا. ويدعو كل النساء بتورينو إلى جعل شهر يوليوز مخصصا للنضال من أجل إطلاق سراح المعتقلين السياسيين. *إعلامي مقيم بإيطاليا