منذ أيّام، عمد مواطنون بمنطقة تاسيلا الواقعة بنواحي أكادير إلى تصوير شاب قالوا، في الڤيديو المتداول، إنهم قبضوه وهو يعتدي على فتاة ويسلبها هاتفها. يُصر مصور الڤيديو على إظهار وجه المتهم بالسرقة، ولم تشفع له توسلاته وهو يترجاهم أن يطلقوا سراحه قبل حضور رجال الأمن، الذين يبدو أنهم تأخروا كثيرا؛ فعمدوا إلى تصوير بطاقته الوطنية وقراءة اسمه ومقر سكناه للمشاهدين المفترضين، الذين تداولوا الشريط على نطاق واسع. غير بعيد عن تاسيلا، أعيدت الخطوة ذاتها مع شاب اتهمه مصور شريط بالاعتداء على المواطنين وسرقة ممتلكاتهم بمنطقة الدشيرة. ويظهر من الفيديو الأخير أن المتهم نال حصة كبيرة من الضرب، من خلال الدماء والكدمات الظاهرة على وجهه. تعج الشبكة العنكبوتية بمقاطع كثيرة، التي التقطت في مدن كثيرة، وليس فقط أكادير، مقاطع يَقِلّ فيها الاعتداء على المتهم بالسرقة المقبوض عليه بشكل جماعي، وأحيانا ينعدم؛ لكن يُصر فيه المصورون على إظهار ملامح الوجه، واسم المتهم بالتشرميل وعنوانه وكافة معلوماته الشخصية. أكبر عقاب تنصب معظم آراء المواطنين الذين استقت هسبريس آراءهم على أن تصوير "المشرملين" واللصوص "انتقام مما يقدمون عليه من تهديد ممتلكات الناس وأرزاقهم"، ونوع من "الاحتجاج الافتراضي على ضعف الأمن في بعض الأحياء". وذهب آخرون إلى أن توثيق ملامح المعتدين وهوياتهم وإشهارها أمام العموم "أكبر عقاب لهم، عقاب أشد من الضرب والسّجن؛ لأن تلك المقاطع تبقى دائما متداولة ولو بعد سنوات، فيتعرف عليهم الناس ويحذرونهم". في حين أن هناك مواطنين شجبوا هذا التوثيق، لإيمانهم ب"أن وظيفة المواطنين ليست هي عقاب اللصوص، وتصويرهم؛ لأن الشاب قد يتوب غدا، ويبقى هذا الڤيديو وصمة عار في حياته وحياة عائلته". وذهب آخر إلى أن "هذا السلوك يدخل في إعمال شرع اليد، ولا يجب أن يحدث في بلد كالمغرب؛ لكن على الأمن أن يقوم بدوره". عمل مُجَرم من جهته، قال اليزيد كونكا، المحامي بهيئة أكادير، في تصريحات لهسبريس الإلكترونية ، إن "تعنيف متلبس بالسرقة غير مسموح به قانونا، بل عمل مُجَرّم ما دام يأتي انتقاما من اللص". وزاد كونكا مستدركا قوله "إلا أن المباح قانونا في مثل حالة التلبس بالسرقة هو ما يسمى الدفاع عن النفس. إذا، فتحديد الوقت ضروري، أي هل ردة الفعل من قِبَل الضحية، تمت قبل أو بعد الاعتداء عليه، لتحديد التبعات القانونية". ويضيف المحامي بهيئة أكادير أن "الذي تعرض للسرقة في محله التجاري والذي لا يكتشف السرقة إلا بعد مدة من حصول فعل السرقة، وكأنه بنشر الصورة ينتقم من اللص أو كأنه يبحث عن معلومات عن الفاعل، وفي الحالتين يكون فعله مُجَرّما".. ويردف المتحدث نفسه أن "ما على الذي تعرض للسرقة القيام به هو تبليغ الجهة المعنية بالسرقة وتزويدها بما يتوفر عليه من إثباتات، بما فيها صور الذي افترض فيه أنه السارق. والقاعدة التي أصبح منصوص عليها في القانون المغربي هي أن كل متهم بريء حتى يتم إدانته بحكم قضائي وبمقتضى محاكمة عادلة".